قال أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المشارك بجامعة الجوف الدكتور نايف الشراري، إن تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1139ه الموافق 1727م، أكد العمق التاريخي للمملكة، وفق ما تضمنته رؤية 2030م التي اهتمت بإبراز العمق التاريخي والإرث الحضاري للدولة.
وأضاف أن المتخصصين بالتاريخ السعودي يعلمون أن المملكة هي ثمرة تلك الجهود التي بذلها أئمة الدولة السعودية الأولى، وامتداد لتاريخها العريق.
وبين أن الأسرة الحاكمة في المملكة تعود بجذورها إلى مؤسس الدولة السعودية الأولى الإمام محمد بن سعود - رحمه الله -، وكذلك البقعة الجغرافية التي تقع عليها أرض المملكة، هي نفسها ما عرف بالجزيرة العربية مسرح الأحداث التاريخية التي صنعتها الدولة السعودية الأولى.
وأضاف أنها كذلك المجتمع الذي تكوّنت منه المملكة، هم أبناء ذلك الجيل الذي أسهم في بناء الدولة السعودية الأولى خلال الفترة "1139ه - 1233ه الموافق 1727-1818 م".
الانتقال بالدرعية إلى مرحلة الدولة السعودية الأولى
أوضح أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر أن المصادر التاريخية أثبتت أن الفترة التي حكم فيها الإمام محمد بن سعود خلال الأربعين سنة بين الفترة "1139 - 1179ه الموافق 1727 - 1765 م" كلها بناء وعمل، استطاع خلالها الإمام الانتقال بالدرعية من مرحلة المدينة الدولة إلى مرحلة الدولة السعودية الأولى.
تأسيس الدولة السعودية.. رحلة تغيير تاريخ جزيرة العرب منذ 3 قرون https://t.co/htykp66hJS #يوم_التأسيس#يوم_بدينا— صحيفة اليوم (@alyaum) February 22, 2023
وأضاف أنه لا يجب أن نغفل هذه الفترة المليئة بالجهود والإنجازات السياسية التي بذلها الإمام محمد ورجاله الأوفياء، فهي الأساس الذي لا يمكن تجاهله وعلينا تذكره بيوم رسمي، وهو ما تم بصدور الأمر الملكي الكريم رقم "أ/ 371"، وتاريخ 24/ 6/ 1443ه بتحديد يوم "22 فبراير" من كل عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم "يوم التأسيس" ليعلم الجميع حقيقة العمق التاريخي للمملكة العربية السعودية.
ورأى "الشراري"، أن مدينة الدرعية التي أسسها جد أسرة آل سعود الأمير مانع المريدي سنة 850ه الموافق 1446م، هي مدينة تحمل في داخلها مقومات الدولة الحضارية.
وأوضح أنها ذات موقع إستراتيجي على وادي حنيفة ومفترق طرق الحج والتجارة، وهذه القوة الاستراتيجية المتمثلة في موقع الدرعية الذي منحها القدرة على التحكم بطرق الحج والتجارة، والقوة السياسية المتمثلة في مانع المريدي وأبنائه وأحفاده من بعده، وممارستهم لنظام الحكم وحماية طرق الحج والتجارة وفرض النظام ونشر الأمن والدفاع عن الدرعية.
وقال: كل ذلك يدلنا على أن حلم بناء كيان سياسي في الجزيرة العربية كان موجودًا لدى أبناء الجزيرة العربية.
وأشار إلى أن هذا الحلم راود الأمير مانع المريدي وأبناءه وأحفاده من بعده، فتكوّن لديهم رصيد من الخبرات السياسية والإدارية المتراكمة خلال تلك الفترة الطويلة التي امتدت حتى تولى الأمير محمد بن سعود الحكم سنة 1139ه الموافق 1727م.
وأضاف أنه استطاع ترجمة هذه الخبرات والتجارب ليحقق الحلم ويضع الأسس والمقومات ويؤسس الدولة السعودية الأولى.
في مهد التأسيس.. بوابة الدرعية تدشن فعالياتها للاحتفاء بيوم التأسيس بمسيرةٍ ضمت 1200 مشارك من القطاعات الأمنية بوزارة الداخلية، ومشاركة 100 فرد من المجتمع وكشافة الدرعية.
للمزيد: https://t.co/XYXc05wT23#يوم_التأسيس#يوم_بدينا#اليوم pic.twitter.com/zi6NaYQORh— صحيفة اليوم (@alyaum) February 22, 2023
أول كيان سياسي يعيد للجزيرة العربية وحدتها
أبان الدكتور الشراري أن الدولة السعودية الأولى هي أول كيان سياسي يعيد للجزيرة العربية وحدتها التي افتقدتها بعد خروج العاصمة الإسلامية عنها خلال النصف الأول من القرن الأول الهجري، كما أنها العمق التاريخي للمملكة العربية السعودية.
ونوّه بأن المصادر التاريخية أثبتت أن الفترة التي حكم فيها الإمام محمد بن سعود خلال الأربعين سنة، كانت فترة عمل وبناء، خاصة أنه تولى الحكم وهو في سن الثامنة والأربعين من عمره وهو يحمل رصيدًا من الخبرات التي اكتسبها وشارك في صنعها عندما تولى والده الأمير سعود بن محمد الحكم خلال الفترة "1132-1137ه الموافق 1720-1725م".
وأضاف الشراري: استمرت الدولة السعودية بقادتها ومؤسسيها وعلى رأسهم الإمام تركي بن عبدالله والملك عبدالعزيز الذي بين التفاف المواطنين حول قادتهم .
وعي عميق بالجذور التاريخية للدولة
بين الدكتور الشراري أنه خلال المسيرة التوحيدية دخلت نجد في حكمه خلال الثلاث سنوات الأولى منذ دخوله الرياض عام 1319ه الموافق 1902م، فهي من ثمار جهود أئمة الدولة السعودية الأولى في تأسيسهم لهذا الكيان السياسي القوي، الذي استند عليه الملك عبدالعزيز في مسيرته السياسية فكان - رحمه الله - دائماً ما يستحضر دولة آبائه وأجداده وتاريخها خلال مسيرته تلك.
وأضاف: كان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله - يعي هذا العمق التاريخي، وأن ما يقوم به اليوم هو ثمرة ما تم تأسيسه بالأمس، وكان - رحمه الله - كثيرًا ما يستشهد بخطاباته، مما يدل على وعيه العميق للجذور التاريخية للدولة التي كان يؤسس لبنائها، وهذا سر من أسرار نجاحه، حيث كان - رحمه الله - يستحضر تاريخ وأحداث الدولة السعودية الأولى خلال مرحلة بنائه للمملكة العربية السعودية.