يرى ابن خلدون مؤسس فرع فلسفة التاريخ في كتابه (المقدمة)، أن فن التاريخ فن عزيز المذهب، جم الفوائد، شريف الغاية، عميق في النظر، أصيل في الحكمة.
فنحن نؤرخ الماضي خدمة للحاضر والمستقبل، ومن هنا جاء القرار الحكيم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والذي ينص على أن يكون يوم (22) فبراير من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم يوم التأسيس، فالتاريخ يمنحنا إحساساً عميقاً بالهوية الوطنية للمملكة العربية السعودية، وجذورها الراسخة عبر ثلاثة قرون من الزمن، وما تخللها من الأحداث والوقائع والتحديات والصمود أمامها، وقصص البطولات والانتصارات عبر سيّرة ومسيرة رجالاتها، بداية من عهد الإمام محمد بن سعود في الدولة السعودية الأولى، ثم عهد الإمام تركي بن عبدالله في الدولة السعودية الثانية، وبعد عشر سنوات من انتهائها قيض الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ليؤسس الدولة السعودية الثالثة، ودستورها القرآن والسنة المطهرة، ويسير أبناؤه من بعده على نهجه، في تعزيز بناء هذه الدولة، لتكون محل أنظار العالم بطابعها الخاص، الذي يميزها ويجعلها أمة استثنائية، فالدين الإسلامي والوحدة الوطنية مَزِيَّة للدولة السعودية عن باقي الأمم، ويحمل القرار الملكي الخاص بيوم التأسيس بين طياته مضامين عميقة وقيما سامية، تتمثل في توعية أبناء الوطن بعمق تاريخهم المجيد، وفهم إرثهم الحضاري العريق، واستيعاب عمق الصلة الوثيقة بين قادة هذه الدولة والمواطنين عبر تاريخها الممتد لثلاثة قرون وحتى عهد الملك سلمان - حفظه الله-، واستذكار مقومات وحدتهم الوطنية التي أرساها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وعبر عنها بكثير من المقولات والأفعال منها قوله: (لقد ملكت هذه البلاد التي هي تحت سلطتي بالله ثم بالشيمة العربية)، ما أجملها من عبارة! فالشيمة العربية من مقومات صمود وقوة الدولة السعودية، وهي تعبير عن مكارم أخلاق رجال الملك عبدالعزيز وأبناء شعبه -رجال العرب بقيمهم الأصيلة- في وفائهم بعهودهم وحرصهم على التكاتف والتآزر، ونبذ كل ما يؤدي للفرقة والنزاع والخصومات، فكانت نخوتهم وشجاعتهم ومروءتهم من أسباب تجمعهم وتماسك صفوفهم والتفافهم حول قيادتهم، فسطروا بذلك ملحمة تاريخية، يفخر بها كل مواطن سعودي، ومن هذا المنطلق فالمؤسسات التربوية تحمل على عاتقها مسؤولية تأصيل هذه المعاني والقيم في نفوس الناشئة عند الاحتفاء بيوم التأسيس، بحيث لا يكون الاحتفاء مجرد مظاهر احتفالية خالية من هذه المعاني والقيم السامية، بل لا بد من ترسيخ القيم الوطنية، وتأسيس ثقافة واسعة لدى النشء بتاريخ دولتهم وأمجادها ومقومات نجاحها، وشيم رجالها ومروءتهم، فيكون مواطنا واعيا يستطيع التمييز بين التطور الحضاري الحقيقي الذي تسعى رؤية المملكة لتحقيقه، وبين الغث الرديء المنتشر بداعي التطور والتقدم، وها هو صاحب الرؤية الطموحة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يؤكد على أن الرؤية بنيت على ما لدينا من مقومات بقوله: "دائما ما تبدأ قصص النجاح برؤية، وأنجح الرؤى هي تلك التي تبنى على مكامن القوة" فهو حفيد الملك المؤسس، الذي أكد على مكمن القوة للدولة السعودية في قوله: "في اعتقادي لن يفلح من يريد إسقاطنا إلا عندما يفلح في إخراجنا وإبعادنا عن ديننا وعقيدتنا؛ لذا لا بد لنا من التمسك بالدين والعقيدة".
فنحن أمة موغلة بالقدم.. معروفة بالشيم
ومن (يوم بدينا) ونحن تحت راية التوحيد
عَلَم وعقيدة، ومن منابت النخل كرم ونماء، ومع صهيل الخيل بطولة وشجاعة، كالصقور لا ينثني لنا عزم، نحلق بشهامة ونخوة وعزة وكبرياء، وبانفتاح وحضارة وحِراك لا يتوقف "فهمتنا مثل جبل طويق وطموحنا عنان السماء"
مديرة التدريب والابتعاث بتعليم القريات