DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

مؤرخون في ندوة «اليوم»: الإمام المؤسس أرسى قواعد الحضارة بـ«وطن شامخ»

مؤرخون في ندوة «اليوم»: الإمام المؤسس أرسى قواعد الحضارة بـ«وطن شامخ»

أكد أساتذة تاريخ، أهمية الاعتزاز بالوطن واستذكار التضحيات الكبيرة التي قدمها قادة وأئمة ساهموا في تأسيس الدولة السعودية الأولى، لا سيما بعد حالات الخوف وعدم الأمان في الجزيرة العربية.

وقالوا خلال ندوة دار «اليوم» بمناسبة ذكرى «يوم التأسيس» إن الإنسان السعودي يحق له الافتخار بوطن بات يقارع كبرى دول العالم.

وأشاروا إلى أن الإمام محمد بن سعود، استطاع نقل شبه الجزيرة العربية من النزاعات والصراعات إلى الوحدة والانتماء، كما حارب البدَع والخرافات المنتشرة في تلك الفترة، وأعاد العقيدة الصحيحة للناس.

وأضافوا إن المستقبل ولد بتأسيس الدولة السعودية الأولى، وبقيت شامخة 3 قرون، وشهدت الدرعية استقرارًا داخليًا منذ تولي الإمام محمد بن سعود إمارتها، باتباعه سياسة جديدة في المنطقة قائمة على إيجاد الوحدة أولاً، وأرسى قواعد ولبنات الحضارة والثقافة والعلم وجسد القيم الخالدة والفضائل الأخلاقية في المجتمع واستمرت جيلاً بعد جيل.

مرحلة تاريخية صعبة

أوضح أستاذ التاريخ المشارك بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، د. فوزي بن عناد العتيبي، أن يوم التأسيس ذكرى غالية علينا جميعا كسعوديين، نستذكر فيها بداية تأسيس الوطن الشامخ، والتضحيات الكبيرة التي قدمها إنسان هذه الأرض، حينما حفر الصخر والحجر وحمى بلاده من الغزاة والمعتدين بسواعد رجاله وتضحيات نسائه تحت زعامة الإمام محمد بن سعود «رحمه الله».

د. فوزي العتيبي - اليوم

وقال إن الإمام ينتمي إلى أسرة ملكية عريقة تضرب في أعماق هذه الأرض؛ فقد كان أحد ملوكها الذين عاصروا رسولنا الكريم «صلى الله عليه وسلم» هو الصحابي الجليل ثمامة بن أثال الحنفي ملك اليمامة، فهذا الإرث التاريخي الكبير ورثه الإمام محمد بن سعود، وكان توليه إمارة الدرعية في عام 1139هـ/ 1727م حدثًا تاريخيًا فاصلا.

وأشار إلى أن الإمام محمد بن سعود، كان مؤمنًا بإقامة وطن على هذه الأرض، يستمد دستوره من الشريعة الإسلامية السمحاء في ظل ظروف ومعطيات لا تشي بأي بارقة أمل؛ لكنه بإيمانه وعزيمته وثقته برجاله حارب وناضل من أجل ذلك مدة تربو على 40 عامًا في مرحلة تاريخية صعبة، حتى أسس ووضع القواعد الصلبة لإقامة وطن شامخ.

وتابع: "أكمل مسيرة البناء والنماء والعطاء أبناؤه وأحفاده البررة من بعده حتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء «يحفظهما الله»، وقد بات وطننا المملكة العربية السعودية شامخًا عزيزًا".

واختتم حديثه قائلا: "في يوم التأسيس نستذكر قيمة الوطن وتضحيات أبنائه الكبيرة، ولنعزز ذلك في أبنائنا وأحفادنا لتستمر مسيرة العطاء والشموخ".

مشهد لآثار قديمة من مدينة الدرعية عام 1917 - اليوم

مسيرة البناء والعطاء

قالت أستاذ التاريخ السعودي بجامعة الملك عبدالعزيز، د. منال بنت عواد المريطب، إن المتتبع لتاريخ بلادنا وإرثها الحضاري والإنساني ليقف شامخًا أمام وطن رُسمت معالمه على أيدي رجال وأبطال كان همّهم جمع الفرقة وتحقيق الوحدة ودعم الاستقرار الإقليمي ونشر الأمن والأمان في المنطقة.

وأضافت أن ذكرى التأسيس تحمل في طياتها قصص البطولة وبسالة الصمود، ولعل الكثير من المؤرخين دوّنوا عن الأوضاع السياسية للدولة السعودية الأولى فأسهبوا وأجادوا، وحتى تكتمل منظومة التدوين التاريخي للوطن لابد من إماطة اللثام عن الأوضاع الأخرى في عهد الدولة السعودية الأولى، ومنها الحديث عن سمات الأحوال الاجتماعية التي عاشها المجتمع.

تابعت: "بداية لابد من القول إن منطقة وسط الجزيرة العربية تعد من أقل مناطق الجزيرة العربية تأثرًا من حيث اختلاط العناصر الأخرى بالسكان المحليين؛ لأنها منعزلة بحكم موقعها في وسط الجزيرة العربية، علاوة على أنها بعيدة نسبيًّا عن مواطن الامتزاج السكاني الذي يتنوع فيه النسيج السكاني، ولهذا فإن غالبية سكانها تنتمي إلى قبائل وأسر عربية أصيلة، وكانت النظرة الاجتماعية لدى سكانها بصفة عامة نظرة تتسم بالانتماء للمكان والقبيلة".

أوضحت: "انقسم المجتمع من حيث طرق المعيشة إلى قسمين: الحاضرة، وهم سكان البلدان والقرى ومارسوا حرفة التجارة والزراعة، والبادية وهم القاطنون في الصحراء والذين يتنقلون من مكان لآخر بحثًا وراء الماء والكلأ ومارسوا حرفة الرعي".

أشارت إلى أن المتتبع للتاريخ يجد أن الجزيرة العربية قبل قيام الدولة السعودية الأولى عاشت حقبة من الفوضى والصراع، وافتقدت الأمن والاستقرار، وكان الظلم وانتزاع الحقوق سائدًا فيها فلم يُردع الظالم ولم ينُصف الضعيف.

وأكدت أنه يمكن أن نختصر الأحوال قبل قيام الدولة السعودية بما ذكره المؤرخون بأن البلاد كانت في رعب دائم «بين عدو يأخذها بالقهر وحليف يأخذها بالغدر.. ففي الحرب يُقتل أبناؤها، ويدمر بناؤها، ويتلف زرعها»، فعانى الأهالي من ويلات عديدة، وكانت أوضاعهم متردية تفتقر للأمن وتصبو للأمان، فلم يأمنوا على أرواحهم، ولم تسلم ممتلكاتهم، لذلك وجدوا ضالتهم بقيام الدولة السعودية الأولى، الكيان الشامخ الذي كفل للناس استقرارهم وعزز أمنهم ودافع عن حقوقهم.

وأوضحت أنه نتيجة لحالة الاستقرار والازدهار التي امتازت بها الدرعية فقد أصبحت ملجأ للعديد من الأسر والأفراد من طلبة العلم والتجار وحتى الفقراء الذين لجؤوا إليها أملًا في فرص حياتية جيدة، وبقدوم هؤلاء جميعا ازداد عدد السكان في الدرعية واتسعت مساحتها، ولم يكن قادة الدرعية بمنأى عن مواطنيهم، ولم تكن هناك حدود وحواجز فاصلة بينهم.

وشددت على أن الدرعية عاشت في ظل الدولة السعودية في لحمة وطنية واحدة بين أبنائها عقودًا طويلة كانت هي الدافع الرئيس لإعادة انبعاثها في طورها الثاني والثالث، فما وجده أهالي الدرعية من أسرة آل سعود عمّق الولاء في نفوسهم وعزز من انتمائهم للوطن.

د. هنادي أبو خديجة - اليوم

امتداد لتاريخ عريق

قالت الأستاذ المساعد في التاريخ، نائب مدير عام فرع جامعة طيبة بالعلا، د. هنادي بنت إبراهيم أبو خديجة، إن يوم التأسيس 1272م/ 1139هـ يعد ولادة المستقبل بتأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود «طيب الله ثراه»، كما أنه ذكرى مجيدة للبداية الأولى وحجر الأساس في بناء صرح المملكة التي وقفت شامخة منذ 3 قرون وحتى الآن، حينما صدحت كشمس ساطعة في سماء العالم لا تغيب ولا تزول.

وأوضحت: أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى، وجعل عاصمتها الدرعية التي تقع على ضفاف وادي حنيفة في وسط الجزيرة العربية، المدينة التي تضرب في التاريخ بعمق الجذور لم تكن وليدة اللحظة، ومرت بمراحل عدة وحكمت من قبل أمراء وزادت أهميتها قرنًا بعد آخر.

قالت إن الإنجازات التي وصلت إليها المملكة العربية السعودية في عصرنا الحاضر هي امتداد عريق لما كانت عليه الدولة السعودية الأولى، فقد كانت مؤسسة للبنات الحضارة والثقافة والعلم، مجسدة للقيم الخالدة والفضائل الأخلاقية التي ظهرت على مجتمع الدولة واستمرت جيلاً بعد جيل حتى قيض الله لها جلاله المغفور له الموحد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود «طيب الله ثراه»، إذ شهدت المملكة تحولا كبيراً على جميع الأصعدة منذ عصر التأسيس وحتى يومنا الخالد.

وأشارت إلى أن هذا اليوم المجيد يعد واحداً من أهم الأيام الوطنية الخالدة التي تشكل تاريخ المملكة، وتعكس مسيرة التطور والنهضة التي تشهدها في مختلف المجالات، ولا يسعني في المناسبة إلا أن أستشهد بمقولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله» في ذكرى اليوم الخالد اعتزازاً وتأصيلاً وفخراً بقوله: «إن احتفاءنا بهذه الذكرى، هو احتفاء بتاريخ دولة وتلاحم شعب والصمود أمام كل التحديات والتطلع للمستقبل والحمد لله على كل النعم».

د. جملاء المري - اليوم

أبرز أحداث الجزيرة العربية

ذكرت أستاذ مساعد في التاريخ السعودي، وكيلة كلية الآداب للشؤون الأكاديمية، د. جملاء بنت مبارك المري، أن ذكرى يوم التأسيس تعني الاعتزاز والفخر بالعمق التاريخي لتأسيس الدولة السعودية الأولى منذ 3 قرون، واستشعاراً واستذكارا لنعم المولى «عز وجل» على ما أنعم به على هذا البلد وشعبه من وحدة الكلمة ولحمة الصف والرخاء والأمن والاستقرار التي هي أساس رفاهية الشعوب والمجتمعات.

وأشارت إلى أن تاريخ المملكة العربية السعودية يزخر بماضٍ عريق ضاربة جذوره في عمق التاريخ منذ نشأة مدينة الدرعية في منتصف القرن التاسع الهجري - الخامس عشر الميلادي، حينما قدم مانع المريدي الجد الأعلى للأسرة المالكة في عام 850هـ/ 1446م من بلدته الدرعية في شرق الجزيرة العربية إلى وسطها بدعوة من ابن عمه، ابن درع حاكم مدينة حجر للاستقرار هو وعشيرته في منطقة أجداده وأسلافه، فمنحه موضعي غصيبة والمليبد اللذين يقعان في شمال غرب مدينة حجر، فجعل مانع «غصيبة» مقراً له ولحكمة وبنى لها سوراً منيعاً، وجعل «المليبد» مقراً للزراعة.

وأوضحت: "أطلق عليها اسم الدرعية نسبة إلى عشيرته الدروع، ويعد الحدث من أبرز أحداث الجزيرة العربية، وقد كان قدوم مانع المريدي اللبنة الأولى لتأسيس أعظم دولة قامت في المنطقة في تاريخ الجزيرة العربية بعد دولة النبوة والخلافة الراشدة".

تابعت: "كانت الدرعية من أغنى الأماكن خصوبة وصلاحاً للاستقرار؛ فاتسع عمرانها وكثر سكانها ونشط اقتصادها فأصبحت من أقوى مدن المنطقة وأكثرها ثراءً، لوقوعها على ضفاف وادي حنيفة، وعلى أحد أهم طرق التجارة القديمة، ويعد الطريق أيضًا طريق الحاج القادم من فارس والعراق ووسط آسيا. وقد سعى مانع المريدي وأبناؤه وأحفاده على تأمينه وخدمته".

وأشارت إلى أن أسس مانع المريدي الدرعية لتكون بنمط المدينة الدولة القابلة للتوسع مع الزمن، فازدادت قوتها وبدأت تتسع شيئا فشيئا وضمت بعض البلدان المجاورة لها الواقعة على وادي حنيفة، وفي امتداد قوي ضارب في التاريخ للإمارة تولى إمارتها عدد من أبناء وأحفاد مانع حتى تولى إمارتها الإمام محمد بن سعود في عام 1139هـ/1727م فكان مراقبا ومشاركاً فطناً في المحكات السياسية من حوله.

وأوضحت: "حرص على نشر الاستقرار الإقليمي، فساند والده وابن عمه زيد بن مرخان، وشارك في الأحداث العسكرية فتصدى للهجمات المعادية للدرعية، وشارك في الحملة على العيينة، وفي ظل الظروف غير المستقرة والتحديات القوية، والفوضى والصراعات التي كانت تعاني منها المنطقة، تمكن الإمام محمد بن سعود برؤية ثاقبة تتصف بالحكمة وبعد النظر من تأسيس مسار جديد في تاريخ شبه الجزيرة العربية ونقل دولة المدينة في الدرعية إلى دولةٍ عظيمةٍ".

صورة من آثار الدرعية القديمة - اليوم

تأمين طرق الحج والتجارة

قالت عضو هيئة تدريس جامعة أم القرى، تخصص تاريخ حديث ومعاصر، د. نجود بنت قالط الفقير، إن الدرعية شهدت استقرارًا داخليًّا منذ تولي الإمام محمد بن سعود إمارتها، خصوصًا أنه اتّبع في قيادته سياسة جديدة في المنطقة قائمة على إيجاد الوحدة أولاً؛ لا سيما إذا علمنا أن حكمه قد اتّسم بالاستقلال السياسي وعدم الولاء لأي قوة إقليمية، كما كان عليه حال الزعامات الأخرى في نجد حينها.

وأضافت: "كانت أولى خطوات الإمام محمد في تحويل مدينته إلى نواة لدولة مكتملة الأركان، عندما وحّد شطري الدرعية وجعلها تحت حكم واحد بعد أن كان الحُكم متفرقًا في مركزين، كما اهتم بتدعيم سلطة الأمراء في منطقته واحتوائهم حتى استطاع أن يوحد معظم منطقة نجد خلال الفترة الممتدة بين سنوات 1159-1179هـ/1746-1765م، وهي المنطقة التي ما عرفتْ الأمن والاستقرار بسبب الغزوات التي كان يشنّها بعض النجديين ضد بعضهم لأجل السّلب والنهب".

وشددت على أن هذه السياسة انعكست على مناصرة دين الله، وإكرام العلماء وتطبيق الشريعة، انعكست على انتشار الأمن في نجد وتأمين طرق الحج والتجارة، ما جعل الدرعية ليست عاصمة سياسية واقتصادية للدولة فحسب، بل قبلة للعلماء ممن يبحثون عن الحماية في الأرض المستقرة الآمنة لنشر علمهم.

وأوضحت أن اختيار الشيخ محمد بن عبدالوهاب (1206هـ/1792م) للدرعية كان اختيارًا موفقًا مباركًا بعد أن أُخرج من بلدة العُيينة سنة 1158هـ/1744م، فاستظلّ بظلّ حماية الإمام محمد بن سعود، وكان للحماية أبلغ الأثر في نشر العلم ورعايته، ورفع راية التوحيد ونبذ البدع والمخالفات الشرعية، ضمن حركة إصلاحية ملأ عبقها معظم أرجاء العالم الإسلامي.

وأشارت إلى أنه نتيجةً لذلك، فإن ما يمكن قوله إن الإمام محمد بن سعود بفكره الثاقب كقائد سياسي فذّ نقل دولته إلى مرحلة جديدة عندما جعل من الدرعية عاصمة سياسية واقتصادية لدولة فتيّة، ومركزًا علميًّا معتبرًا، وهي الخطوات التي غيّر بفضلها -بعد فضل الله تعالى- ميزان القوة المحلية لصالحه، فجعل أساس الدولة قائما على منهج ديني واجتماعي وسياسي مكّنها من البقاء والاستمرار في جميع أدوارها الثلاثة لعقود طويلة من الزمن، وبذلك تكون الدرعية بقيادة الإمام محمد بن سعود قد أخذت بأهم العناصر التي تدخل في تركيب القوة القومية للدولة حسب مفهوم الدولة الحديث.

د. منيرة الشمري - اليوم

شجاعة وبصيرة نافذة

أشارت أستاذ التاريخ الحديث المساعد بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، د. منيرة بنت قفل الشمري، إلى أن الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى، عُرف بالشجاعة والجرأة، والإقدام والثبات، والنباهة ونفاذ البصيرة، فقد كان سياسيًا حكيمًا، ومخططًا ماهرًا، متدينًا مناصرًا للدعوة الإصلاحية.

وشددت على أن الإمام لم يلتفت إلى عذل عاذل، ولا لوم لائم، ولا رأي مرتاب، ساعيًا للوحدة ولم الشمل، نابذًا للفرقة والنزاع، ناشرًا للسلام، باذلًا في سبيل ذلك الغالي والنفيس، محافظًا على استقرار دولته واستقلالها التام، متلمسًا أحوال رعيته، آخذًا بجميع الأسباب التي تكفل لدولته العزة والتمكين، والتنظيم والتطوير.

وقالت: "كان بحسن السيرة معروفًا، وبالوفاء وحسن المعاملة موصوفًا وتوفي في عام 1179هـ/ 1765م بعد 40 عامًا قضاها في تأسيس الدولة، مورثًا لأبنائه وأحفاده حكم دولة مرهوبة الجانب بين القوى النجدية وبعض القوى المجاورة".

أسطح المنازل في جدة عام 1937 - اليوم

خصوصية الهوية السعودية

قالت أستاذ التاريخ الحديث المشارك بجامعة الجوف، د. نوف الروضان، إن يوم التأسيس يمثل فرصة عظيمة نستذكر فيها جذورنا الراسخة الضاربة في عمق التاريخ والتي شكلت كل رموز التفرد والخصوصية للهوية السعودية بكل جوانبها السياسية والحضارية ؛ كما أنها فرصة تتجسد فيها معاني الوفاء والامتنان والتقدير للأبطال الذين صنعوا ماضينا وشكلوا ملامح حاضرنا ومستقبلنا.

وأوضحت: "مرت ملحمة التأسيس بمحطات مفصلية كان لها الأثر العميق في كل ما تحقق من إنجازات لاحقة. بدأت جذور التأسيس تترسخ قبل أكثر من 1600عام، وتأكدت قبل 3 قرون؛ عندما تمكن الإمام محمد بن سعود في منتصف العام 1139ه الموافق 22 فبراير 1727م، من إعلان تأسيس الدولة السعودية الأولى، ليبدأ عهدا مشرقًا من الوحدة والبناء".

وأشرت إلى أن لا شك أن الإمام محمد بن سعود عندما أسس الدولة السعودية الأولى كان يستند على أرث عريق وهو تأسيس مانع المريدي للدرعية عام 850هـ، كما أن مانع المريدي بدوره كان يستند على أساس قوي وهو تأسيس مملكة اليمامة على يد عبيد بن ثعلبة الذي قدم من الحجاز في القرن الخامس الميلادي إلى حجر اليمامة واستقر فيها، وتأسست على أثر ذلك ما يعرف بمملكة اليمامة.

وشددت على أنه ظلت الملحمة السعودية مستمرة لا تنقطع رغم كل التحديات والأهوال التي واجهت أبطالها. ومن الأمور التي تسترعي الانتباه لدى استعراض الأدوار الملحمية التي مر بها تاريخنا العريق هو ذلك الارتباط العميق بين المواطنين وقادتهم؛ فحين تعرضت الدولة السعودية الأولى والثانية إلى الغياب عن مسرح الأحداث، ظلت الدولة وقيادتها راسخة في وجدان الناس وضمائرهم؛ لا يرون من هو أحق أو أولى منهم بالقيادة.

وأوضحت: "لعل أبسط ما يمكن أن يقال في هذا الصدد إن الدولة السعودية على اختلاف أدوارها قامت على مفهوم إنساني أصيل يسعى للخير ويحترم حقوق الإنسان. و أخيرا، يحق لنا أن نفتخر ونفاخر بيوم التأسيس الذي ننعم بفضل الله بمكتسباته العظيمة إلى يومنا هذا، ونسأل الله أن يديم علينا النعم ويحفظ بلادنا وولاة أمرنا".

فن العمارة في جدة عام 1955 - اليوم

"يوم التأسيس" بداية ملحمة الوطن الكبير

قالت المتخصصة في التاريخ الحديث والمعاصر د. منال الشيخ، إن «يوم التأسيس»، هو بداية قصة وملحمة هذا الوطن الكبير ويوم ولادته، هو مشروع وحدوي عميق قارب ثلاثة قرون منذ أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1139 - 1727، وكان الإمام امتدادا لتاريخ أسلافه الذين بنوا الدرعية مضيفة أن الإمام محمد بن سعود بن مقرن ولد عام ١٠٩٠هـ/ ١٦٧٩م، ونشأ وترعرع في الدرعية، وشارك والده في أعمال إمارتها، وهذا ما أعطاه معرفة تامة بكل أوضاعها، وعُرف عنه صفات متعددة، منها حب الخير والشجاعة، وكان محبًّا كذلك للخلوة والتأمل، رجلا كثير الخيرات والعبادة وتولى حكم الدرعية في أوضاع استثنائية، واستطاع أن يتغلب على جميع التحديات الموجودة حينها في المنطقة ويوحدها ويسهم في نشر الاستقرار بها، وكان الإمام حاكما حكيمـا وفيـا، تربـى فـي بيت عـز وإمـارة وتعلـم السياسـة وطـرق التعامـل مـع الإمـارات المجاورة والعشائر المتنقلة، وقد كان له أثر كبير فــي اسـتتباب الأوضاع فـي الإمارة قبـل توليـه الحكم حيث درس أوضاع إمارته وما حولها، وبـدأ بالتخطيـط للتغييـر عـن النمـط السائد خلال تلـك الأيام، فأسـس لمسار جديـد فـي تاريـخ المنطقـة تمثـل فـي الوحـدة والتعليـم ونشـر الثقافـة وتعزيـز التواصـل بيـن أفـراد المجتمـع والحفـاظ علـى الأمـن ومن أبرز أعماله، توحيد شطري الدرعية والاهتمام بأمورها الداخلية وتقوية مجتمعها، وتوحيد أفراده، وكذلك تنظيم الأمور الاقتصادية للدولة حيث بنى حيا جديدا في سمحان وهو حي الطرفية، وعمل على نشر الاستقرار في الدولة في مجالات كثيرة متنوعة، أيضًا عمل على مناصـرة الدعـوة الإصلاحيـة التـي نـادى بهـا الشـيخ محمـد بـن عبدالوهـاب، وتم التواصل مـع البلـدات الأخـرى للانضمام إلـى الدولة السعودية، واستطاع بطريقته احتـواء زعاماتهـا وجعلهـم يعلنـون الانضمام للدولـة والوحـدة، وأيضًا عمل على بناء سور الدرعية لحمايتها من الهجمات الخارجية القادمة إلى الدرعية من شرق الجزيرة العربية، واستطاع التصدي لكثير من الحملات ضد الدولة السعودية، والتي أرادت القضاء عليها، وهي في بدايتها، أما قوافل الحج فاعتنى بها الإمام عناية خاصة، وكانت عند مرورها بالدرعية تنعَم باستضافته لمدة 3 أيام إكرامًا لها، وكان الإمام محمد بن سعود قويا في قيادته، مستقلا في حكمه، فلم يخضع لأي قوة سياسية خارجية، طوال حكمه الذي استمر 40 عاما من القيادة والتأسيس، حيث توفي «رحمه الله» عام 1179هـ - 1765م.

د. منال الشيخ ـ اليوم
د. منال الشيخ ـ اليوم