عفوًا.. فأنا شخص مختلف، كلمة قد تجدها لدى فئام كثيرة من الناس، وهي بحد ذاتها ليست مشكلة عندما تكون في موقف أو قل اثنين من مواقف الحياة، ولكنها عندما تكون سجية للمرء، فتلك هي عين النرجسية.
الشخصية النرجسية، مصطلح يُطلق على المعجبين بأنفسهم بشكل مبالغ فيه، ويعرفها قاموس كولينز بأنها اهتمام استثنائي بالذات أو الإعجاب بها، وبخاصة المظهر الجسدي، وتعود تسميتها إلى أسطورة يونانية لنرسيسن وهو صياد أُعجب بصورته لدرجة أنه عجز عن تركها، وبقي يحدّق بصورته إلى أن مات.
والمشاهد أن الحالة السائدة في وقتنا الحاضر، تدفع الكثير منا إلى المزيد من الاهتمام بالمظهر الخارجي وتضخيم الذات؛ لذا تلاحظ المبالغة في التقاط صور السيلفي، ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بقصد الحصول على المزيد من الإعجاب والاهتمام.
ويا ليت المسألة تقف عند هذا الحد وحسب، ولكنها تتطور مع المرء ليصبح متكبرًا ومتسلطًا واستغلاليًّا، يسخّر الناس لمصلحته الشخصية، كما أنه قلما يتعاطف مع الآخرين، بل يحسدهم على نجاحهم وتفوّقهم، يقول المتنبي وهو النرجسي الذائع الصيت:أنا ترب النّدى ورب القوافي
وسمام العدى وغيظ الحسود
أنا في أمة - تداركها الله-
غريب كصالح في ثمود
ومن العوامل المؤثرة في صناعة هذه الشخصية، الدلال المفرط، الذي يجعل الطفل يضخّم صورته الذاتية، فيهتم بها، ولا يراعي مشاعر الآخرين، وعبر تساهل الأبوين بحجة أنه طفل فتتشكّل بذلك شخصيته، ومنها أيضًا، العوامل الوراثية، والنفسية، أو الاجتماعية، كأن يكون من أسرة مترفة، أو لها مكانة اجتماعية خاصة، أو قد يكون أمرًا مغايرًا لتلك العوامل تمامًا، كأن يكون ذلك ناشئًا عن رد فعل على تعرّض الطفل للإهمال أو الإيذاء.
وختامًا، فالنرجسي لا يصلح أن يكون صديقًا؛ لأنه يرى أنه مؤهّل لاتخاذ قرارات بالإنابة عن صديقة، وأن له الحق في إفشاء أسراره والعبث بحياته، والتهرب وإلقاء اللوم عليه بمجرد عدم تمكّنه من حل مشكلته؛ لذا ينبغي الحذر من مصاحبة أمثاله، وعدم إعطائهم الفرصة لتدمير حياة الآخرين.