البعض يرى أَنَّه رد فلسفي لسؤال من ذات النوع، والبعض يرى أنه مجموعة صفات لبعض الأشخاص الذين يتهربون من تحمّل المسؤولية في أي عمل. وعلى الجانب الآخر يرى البعض هناك من الأشخاص مَن لا يقولون هذه الكلمة بمعنى أنهم يعرفون كل شيء تقريبًا في هذه الحياة. في هذا الفضاء وبين تعدد الآراء برزت هذه العبارة إلى الذاكرة، ولا أنسي أنني أخبرت ذات يوم قريبي أبا مهدي «يرحمه الله» أن لدي مجموعة أسئلة وأريد أن تكون محور حديثي معه في ذات جلسة هادئة جمعتنا بعد صلاة عصر أحد أيام الشتاء.
رد علىَّ الرجل كعادته بابتسامة وهو يعتدل في جلسته ليكون كما يبدو أكثر جدية لاستقبال أسئلتي، وقال:
* هات ما عندك.
ورفع يده اليمنى إلى مستوى صدره تقريبًا، بينما يغرس يده الأخرى في مخدة إسفنجية كبيرة، مهمتها بالعادة أن تسند الجالسين فأخبرته بقصة حدثت معي، وأنا في أول أيام عهدي بالعمل الحكومي، وبعد تخرجي من الجامعة، حيث صادف أن لي زميلًا بالعمل أقدم مني بسنوات كثيرة، راقبني في العمل، وتلمّس حالة اقترابي من رئيسنا المشترك، وذات يوم وقبل الخروج من العمل كانت الإدارة هادئة، وكنت الوحيد في المكتب الذي أتقاسمه مع ثلاثة من الزملاء حديثي عهد بالوظيفة الحكومية، فاستغل الرجل الجو الهادئ وأخبرني بأنه سيسدي إليَّ نصيحة قد تفيدني في عملي في ذلك الوقت وفي المستقبل، قال وهو يبدل نظراته بين المكان الذي أجلس فيه وبين باب المكتب الكبير الذي يضم عددًا من الموظفين:
* اسمع يا أخي الكريم، أنت جديد في العمل، وما تعرف خفايا الحياة العملية وألاعيب الموظفين وأنا ملاحظ أنك تقوم بكل الأموال التي يوجه بها مدير الإدارة، وأحب أن أقول لك من تجربة كذا ستحرق نفسك، ولن تجد وقتًا تحك شعرة في رأسك.
قال كلامًا كثيرًا وأنا مصغٍ إليه أريد أن ألتقط رأس الخيط وأصل إلى زبدة كلامه كما يقال، واستمر في الحديث والشرح، وضرب الأمثلة، وكأنني أفقت من سبات عميق عندما قال لي:
* كثر من الاختراع الذي اسمه ما أعرف.
ضحك أبا مهدي «غفر الله له»، وقال وهو يرتشف جرعة من فنجان القهوة المُرة الذي مددته إليه قبل بضع ثوانٍ:
* هذا ومَن على شاكلته مخطئون في حق أنفسهم، وفي حق الأمانة العامة التي هي خدمة الناس. المفرح أنهم غير كُثر في مجتمعنا «ولله الحمد».
@salemalyami