شهد البرنامج الثقافي لمهرجان الكُتاب والقراء في نسخته الأولى، إقامة ندوة حوارية بعنوان "حي بن يقظان عبر آلة الزمن"، إحدى كلاسيكيات الأدب العربي القديم، التي جمع فيها ابن الطفيل بين الفلسفة والأدب والدين والتربية، وتحدث خلال الندوة التي أدارها عبد الله الحواس، كاتب الخيال العلمي الدكتور منذر قباني، وكاتب السيناريو المختص في الخيال العلمي عاصم الطخيس.
وركزت الندوة على رواية "حي بن يقظان" ومضامينها الفلسفية العميقة، إذ تحمل القصة عناصر الثقل المعرفي الأساسية والمتمثلة في (الإله، الإنسان، والطبيعة)، كما تتطرق إلى أبعاد العلاقة بين هذا العناصر، فهي تحكي قصة إنسان استقر به الحال وهو طفل على أرضٍ لا إنسان فيها، فاتخذ من الحيوان مُرضِعاً له، والطبيعة مأوىً له، فافترش الأرض والتحف السماء، ولما كبر واشتد عوده ونضج فكره، انصرف إلى التأمل في الكون، الأمر الذي قاده إلى حتمية وجود خالق لهذا الكون.
وتناقش ضيوف الندوة حول الفرق بين الخيال العلمي والفانتازيا؛ إذ يتميز الإنسان المعاصر عن باقي المخلوقات البشرية بالقصة، إلى جانب أن الخيال العلمي هو استشراف الحياة في المستقبل، أما الفانتازيا فهي "بناء عوالم ليس لها وجود على أرض الواقع".
الخيال العلمي والفانتازيا
وصف الدكتور منذر قباني قصة "ألف ليلة وليلة" بقمة الخيال، مبينًا أنها مصدر إلهام لحكايات أخرى مثل علاء الدين، وشهرزاد، وسندباد رغم كتابتها منذ ألف عام تقريبًا، إذ تحمل في طياتها الكثير من الخيال، وأصبحت تقرأ في شتى المعمورة، وأبدى أسفه أن هذه الرواية العربية أهملها العرب، في حين قدَّر الغرب قيمتها واستفادوا منها في أعمال الخيال، وأعادوها إلى العرب، مستشهدًا أيضًا بمقدمة ابن خلدون.
وأوضح د. قباني أن روايات الخيال العلمي تعتمد على سمات متعددة؛ منها أن لها أهدافًا مستقبلية، كائنات فضائية، أجهزة غير موجودة على الأرض، عوالم متعددة، وتاريخًا مغايرًا، موضحًا أن ما يميز روايات الخيال العلمي هو "تحفيز" الكاتب والقارئ على الاطلاع.
من جهته، أكد عاصم الطخيس أن رواية "حي بن يقظان" أعيدت كتابتها في التراث العربي 4 مرات على يد كل من: ابن سينا، شهاب الدين السهروردي، ابن الطفيل، وابن النفيس، مشيرًا إلى أن الأخير أعاد كتابتها تحت مسمى آخر يوافق معتقده الفلسفي، فأسماها «فاضل بن ناطق».
وتناول الطخيس أفلام الخيال العلمي التي تصور الحياة بعد زمن استخدام الذكاء الاصطناعي؛ ليتقبلها الإنسان بعد مرور عشرات السنين، منتقدًا السينما العربية، فالمخرج هو صاحب القرار رغم أهمية المنتج، لافتًا إلى وجود علاقة توافقية بين المنتج وكاتب السيناريو، وأشار إلى أن الفانتازيا تفتقر إلى التطور ولا ترتبط بالواقع.