@Fahad_otaish
للأمم والشعوب أيام من تاريخها ذات أهمية بالغة قد تكون غيَّرت مجرى الأحداث من اتجاه إلى آخر، بحيث أصبحت علامات ينبغي العودة إليها لاكتساب العِبَر والدروس واستذكار الأحداث، والذين قاموا بها فساهموا بما بذلوه من جهد في بناء كيانها، وهو ما تحرص عليه بلادنا المملكة العربية السعودية من الاحتفاء بمناسبة مثل يوم التأسيس واليوم الوطني، وغيرهما من المناسبات الوطنية التي ينبغي أن تكون لنا فيها وقفات تُعيد إلى ذاكرة الأجيال كيف كانت هذه المناسبة منعطفًا مهمًّا في مسيرة الوطن وعبوره من فترات قبل هذه المناسبة إلى ما هو بعدها؛ لتكون المناسبة وقفةً للأجيال لاحترام الآباء وتقدير دورهم والاقتداء بهم وكذلك للتعرف على ما أنعم الله به على هذه البلاد من نِعَم الأمن والسلام والرفاه، بعد أن كانت عاشت حقبة طويلة من عدم الاستقرار وانعدام الأمن والفرقة وشظف العيش لعشرات السنين منذ انتهاء عهد الخلافة الراشدة حتى قيام الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود بن مقرن الذي عاد إلى موطن آبائه في نجد ليضع انطلاقًا من الدرعية التي أعاد إليها الأمن ونشره فيما حولها من البادية، وبنى السور وحمى طريق الحج ليكون ذلك كله فيما بعد خطوة على بناء هذا الصرح الكبير الذي جاء بعد أحد أحفاد محمد بن سعود، وهو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل؛ ليؤسس الدولة السعودية الثالثة موطّدًا أركانها بعد أن وحَّد الجزيرة العربية تحت راية التوحيد، ونشر في أرجائها الأمن والاطمئنان، وجمع من حوله أبناء الجزيرة بادية وحاضرة من مياه الخليج العربي شرقًا إلى البحر الأحمر، غربًا بما في ذلك نجد والحجاز، حيث بيت الله الحرام ومسجد نبيه الكريم، ثم ما أنعم الله به على هذا الوطن من النعم والخيرات التي سخَّرها الملك المؤسِّس وأولاده الملوك من بعده «رحمهم الله جميعًا»؛ لبناء هذا الكيان الكبير، ونشر العلم والأمن والعمران في أنحائه حتى أصبح دولة عظمى تحتل مكانتها بين الأمم، ويُحسب لها ألف حساب في المنظمات الدولية والإقليمية، وتحمل رسالة سامية بنشر الأمن والسلم الدوليين، ومناصرة قضايا الحق ومد يد العون والمساعدة للأشقاء والأصدقاء، ويحمل أبناؤها لواء العلم والمعرفة التي أتاحت لهم الدولة التزود بها من أكبر جامعات العالم وأكثرها شهرة، ولذلك فإن الأمر السامي بجعل يوم التأسيس يومًا يتم فيه الاحتفال بهذه المناسبة كل عام هو مناسبة لوقفة طويلة مع النفس، ومع الذكرى والتأمل، خاصة مع الأبناء والأحفاد؛ ليكون ذلك مصدرًا للاعتزاز بهذا الوطن، وبالانتماء إليه والولاء له، ولتكون هذه المناسبة أيضًا دافعًا لمزيد من البناء والتقدم والعمران..
عامًا بعد عام، والوطن وأهله ينعمون بمزيد من التقدم والمنعة والاستقرار، وليزيد أبناؤه صروحه ارتفاعًا، ويضيفون على الأسس التي بُني عليها مزيدًا من لبنات البناء الشامخ لوطن يستحق الولاء والانتماء والوفاء وصولًا إلى تحقيق رؤية القيادة والوطن 2030 «بإذن الله».