تحكي قلعة "المعظم" بمنطقة تبوك، تفاصيل العمارة الإسلامية التي تعكس مدى اهتمام العصور الإسلامية المتأخرة بخدمة قاصدي بيت الله الحرام القادمين عبر طريق الحج الشامي.
وتم إنشاء القلعة سنة 1031ه/ 1622م، لتكون محطة يستريح فيها الحجاج والمعتمرون، ومقرًَا للثكنات العسكرية التي تقوم على خدمتهم وتأمين طريقهم من وإلى المدينة المنورة ومكة المكرمة.
ذكريات تمتد لـ 4 قرون
تعد قلعة المعظم من أجمل القلاع بالجزيرة العربية التي عُرفت تاريخيًا بمسمى "ملكة جمال القلاع"، وهي أكبر القلاع التاريخية التي كانت تستخدم لمراقبة الحجاج وحمايتهم.
وتبلغ مساحتها الإجمالية 10000م 2، وتختزن حيطانها التي بنيت بشكل مستطيل ذكريات تمتد لأكثر من 4 قرون، وفي وسطها ساحة متسعة حولها الغرف، والأدراج، والممرات العلوية المحيطة بها.
وللقلعة 4 أبراج دائرية مقامة في أركانها الأربعة، ولها مدخل واحد، إذاستخدم في بنائها " الحجارة المهذبة " بشكل منتظم بارتفاع طابقين ويعلوهما سور حماية بارتفاع الممر الداخلي، وتخلو واجهاتها الأربع من النوافذ إلا فتحات صغيرة تمثل الطلاقات التي استخدمت للحماية.
وتشمل القلعة بركة المعظم ومحطة سكة حديد الحجاز، وهي قلعة محكمة البناء مبنية بالحجر المنحوت الأصفر المائل للحمرة، إذ يوجد على واجهة هذه القلعة 4 نقوش تأسيسية لبنائها.
نقوش وبئر داخلية
تضم قلعة المعظم، مدخلًا كبيرًا ومميزًا، إذ يعلوه قوس يخفي خلفة فتحات للحماية، وعلى جانبيه مقاعد حجرية، ويليه فتحة باب مستطيلة الشكل يعلوها نقش حجري.
وعلى جانبي المدخل نقشان حجريان، نقش على أحدهما كتابة إسلامية، وعلى جانبي كتفي المدخل نقشان لصورة أسد، كما يعلو المدخل الرئيس بناء حجري قائم على 5 أحجار بارزة عن حد الواجهة الأمامية، وفيه شباك صغير مستطيل الشكل يعلوه شكل مثلثي.
وتحتوي القلعة على بئر داخلية مطوية بالحجارة، بجوارها بركة طول ضلعها 60 مترًا مربعة الشكل وهي عبارة عن حوض كبير مبني بالحجر والجص والنورة، يمتلئ بمياه السيول والأمطار، وإلى جانب البركة بئران مطويتان.
وزار القلعة العديد من الرحالة والمكتشفين المعروفين، من ضمنهم الرحالة والمستكشف الألماني يوليوس أويتنج عام 1301ه -1884م برفقة الرحالة الفرنسي هوبر، ووثق هذه الرحلة في كتابة "رحلة داخل الحزيرة العربية".