@yousifalharbi
لأن الفن جزءٌ من المجتمع والوطن، ولا يكون العمل الإبداعي بمعزل فيه عن الانتماء، وهو ما شاهدناه في جائزة ضياء عزيز للبورتريه في نسختها السادسة قبل أيام، كان الانتماء أساسه الشموخ والتقدير والإلهام الآتي من هذه الأرض، حيث تنوّعت الأعمال الفنية من كل مدن المملكة تحت عنوان «السعودية الخضراء».
هذه المسابقة تنظمها جمعية الثقافة والفنون بجدة، وبدعم ورعاية سمو الأمير فيصل بن عبدالله، جاءت لتحتوي المبدعين والمثقفين وتستوعب رؤاهم الفنية والبصرية التي تعبّر عن الانتماء لهذه الأرض.
سلَّطت جميع الدورات السابقة من هذه المسابقة الضوء على البيئة والهوية والشخصيات السعودية ارتكازًا على محاور مختلفة ومتنوعة حملت خصوصية المملكة ورؤاها وثقافتها؛ لتختم هذه الجائزة دورتها بطرح موضوع الدورة القادمة التي ستكون عن «مُلهم الشباب الأمير محمد بن سلمان»؛ ليتنافس ويقدم فيها كل فنان ما يختلج ذاته الحالمة والمحلّقة والفخورة برموز الوطن، وليعبّر الفنانون جماليًّا وفنيًّا وأسلوبًا واستيعابًا لهذه المرحلة التي تعرف ازدهار ونهضة المملكة في كل المجالات والاختصاصات.
وتأتي هذه المنافسة ضمن المسابقات التي يقدّمها فرع الجمعية بجدة، تقديرًا للفنان والمبدع السعودي، وكل المهتمين بالثقافة ودورها البنّاء في المجتمع وعمق تواصلها مع الإنسان بكل ما يحمله من أصالة ومواكبة، وبروح سعودية تؤمن بقدراتها وطاقاتها وضرورتها في تحقيق الوعي والانتماء والتفاعل مع كل ما يُحيط بالوطن من رعاية ونهضة واستشراف حقيقي لواقع التقدم والانفتاح والتكامل الصادق بين الأرض وأصالتها والعالم، والانتماء فيه بروح سعودية لها حضورها وتأثيرها.
فكانت الجهود ونحن نلتقي بالقائمين والمحكّمين والمتطوعين والفنانين المشاركين والمهتمين تُثلج الصدر وتعبّر عن حب حقيقي، وتواجد فني مُلهم ويدعو للفخر بجميع ما تميّزت به فروع جمعية الثقافة والفنون، خاصة فرع جدة من أداء فعّال ومؤثّر، وجديّة على وجه الخصوص، بقيادة الشاعر محمد آل صبيح وفريقه المميّز.
نترقب الدورة القادمة بكل شوق جمالي لما سيقدّمه الفنانون من إبداعات خاصة لما يتمتع به فن البورتريه الذي يُعتبر فنًّا له تقاليده الإبداعية عند المثقّف السعودي، الذي غاص عميقًا في الأداء والتنفيذ، واختيار أهم الأشياء المميّزة التي ترتقي أكثر بالصورة والفن وتتعمّق أكثر في الشخصية.
إن أهمية المسابقات الثقافية التي تقدّمها جمعية الفنون والثقافة تساعد بشكل تفاعلي وتواصل مميّز ومستمر بين الفعل الثقافي والاستيعاب المتكامل للمثقف والمهتم بالفنون، من حيث التكامل في الأدوار، وهو ما يساعد على تمتين العلاقة بين مسؤولية الهياكل الثقافية والأفراد المهتمين بالثقافة، من حيث دعمها واحتواء إبداعاتها وابتكاراتها، فهي الركيزة الأولى التي أرادها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو يعوّل على الثقافة في خلق الابتكار الجمالي، ويدفع بالعمل الثقافي بشغف وحرص وضرورة أساسية تحقّق التغيير المرجو دون أن تنفصل عن أصالتها وحضورها في هويتها الأساسية في الأرض.