استعادت أوكرانيا عدة مدن جرت استولت عليها روسيا في الحرب الممتدة لأكثر من عام بين البلدين، لكنها كانت دائمًا في حالة خراب بفعل القصف الذي طال كل شيء، بما في ذلك المحاصيل الزراعية والمباني التي كان يُخزن فيها القمح إضافة إلى الآلات والمعدات.
حملت مزارع أوكرانيا ندوب القصف والذخائر غير المنفجرة التي تخرب الحقول، لكن الضرر الذي لحق بالتربة الأوكرانية الخصبة الشهيرة بعد عام من الحرب قد يكون من الأصعب إصلاحه.
الحرب الروسية ومشكلات التربة الزراعية الأوكرانية
وجد العلماء الذين درسوا عينات التربة المأخوذة من منطقة خاركيف التي جرى الاستيلاء عليها في شمال شرق أوكرانيا أن تركيزات عالية من السموم، مثل الزئبق والزرنيخ من الذخائر والوقود، تلوث الأرض.
باستخدام العينات وصور الأقمار الصناعية، قدَّر العلماء أن الحرب أدت إلى تدهور 10.5 مليون هكتار على الأقل من الأراضي الزراعية في جميع أنحاء أوكرانيا حتى الآن، وفقًا لبحث للمعهد الأوكراني لعلوم التربة وأبحاث الكيمياء الزراعية.
هذا هو ربع الأراضي الزراعية، بما في ذلك الأراضي التي لا تزال تحتلها القوات الروسية، في بلد يوصف بأنه سلة غذاء أوروبا.
قال أكثر من 20 خبيرًا، بمن فيهم علماء التربة والمزارعون وشركات الحبوب والمحللون، إن الأمر يستغرق عقودًا لإصلاح الأضرار التي لحقت بسلة الخبز في أوروبا، بما في ذلك التلوث والألغام والبنية التحتية المدمرة، وأن الإمدادات الغذائية العالمية قد تتضرر لسنوات، وفقًا لوكالة رويترز.
يقول العلماء إن القصف أدى أيضًا إلى اضطراب النظم البيئية الحساسة للكائنات الحية الدقيقة التي تحول مواد التربة إلى مغذيات للمحاصيل مثل النيتروجين بينما تضغط الخزانات على الأرض، ما يجعل من الصعب على الجذور أن تزدهر.
أوضح الخبراء أن بعض المناطق مزروعة بالألغام وتحولت خصائصها بفعل الحفر والخنادق لدرجة أنها، مثل بعض ساحات القتال في الحرب العالمية الأولى، قد لا تعود أبدًا إلى الإنتاج الزراعي.
سنة أولى حرب.. تسلسل زمني لأبرز تطورات غزو #روسيا لـ #أوكرانيا https://t.co/WMQH9ZnngV #اليوم— صحيفة اليوم (@alyaum) February 23, 2023
فقدان خصوبة الأراضي في أوكرانيا
قبل الحرب، كانت أوكرانيا رابع أكبر مصدر للذرة في العالم وخامس أكبر بائع للقمح، ومورد رئيسي للدول الفقيرة في إفريقيا والشرق الأوسط التي تعتمد على واردات الحبوب.
بعد الغزو الروسي الذي بدأ منذ عام، ارتفعت أسعار الحبوب العالمية مع إغلاق مواني البحر الأسود التي عادة ما تشحن حصاد أوكرانيا، ما أدى إلى تفاقم معدلات التضخم في جميع أنحاء العالم.
قد تخفض أضرار الحرب محصول الحبوب المحتمل في أوكرانيا بما يتراوح بين 10 و20 مليون طن سنويًا، أو ما يصل إلى الثلث بناء على إنتاجها قبل الحرب من 60 إلى 89 مليون طن، وفقًا لما قاله سفياتوسلاف باليوك، مدير معهد التربة.
دمار طال الزراعة
إلى جانب الأضرار التي لحقت بالتربة، يعاني المزارعون الأوكرانيون من القذائف غير المنفجرة في العديد من الحقول، فضلًا عن تدمير قنوات الري وصوامع المحاصيل ومحطات الموانئ.
يتوقع منتجو الحبوب في أوكرانيا أن تستغرق إزالة الألغام وحدها 30 عامًا، وقال إن هناك حاجة إلى مساعدة مالية عاجلة للحفاظ على المزارعين الأوكرانيين في الأعمال التجارية.
وجد المعهد أن التربة الأكثر خصوبة في أوكرانيا عانت أكثر من غيرها، والتي كانت تعتبر أكثر ثراءً من أنواع التربة الأخرى بالمغذيات مثل الدبال والفوسفور والنيتروجين وتمتد إلى عمق الأرض، بقدر 1.5 متر.
تُقدر أن إزالة جميع الألغام وإعادة تربة أوكرانيا إلى حالتها السابقة ستكلف 15 مليار دولار، ويرى مختصون أن عملية الاستعادة قد تستغرق ما لا يقل عن 3 سنوات أو أكثر حسب درجة التدهور، في الوقت الذي لا توجد فيه أي مؤشرات حول انتهاء الحرب وعدم تضرر المزيد من الأراضي في الفترة المقبلة.
عام من الحرب.. كيف تأثرت #البيئة بنزاع #روسيا و #أوكرانيا؟
https://t.co/2nyrgNVZyI #اليوم pic.twitter.com/u6p5eZrgK2— صحيفة اليوم (@alyaum) February 21, 2023