ظل مدحت كيليسلي قابعًا تحت الأنقاض مع حفيدته الرضيعة زهرة، ذات الشهور الـ5، لنحو يومين ونصف اليوم، بعد الزلزال الذي ضرب تركيا حتى سمع رجال الإنقاذ صراخهما.
المسعفون أنقذوهما من تحت الأنقاض لكن فرقوهما، وبعدها عاش كيليسلي 3 أسابيع من الانتظار المؤلم، قبل أن يجتمع شمله بحفيدته زهرة، وهي آخر من تبقى على قيد الحياة من أفراد عائلته، إذ نُقلت بعد إنقاذها إلى مستشفى بعيد.
وقطع كيليسلي -69 سنة- مئات الكيلومترات من إقليم هاتاي، حيث انهار منزله، ليقرّ عينيه برؤية حفيدته في أنقرة، واصطحب زهرة معه بعد إجراء اختبار حمض نووي لإثبات القرابة.
الدموع تسبق الكلمات
انهمرت الدموع من عيني الجد عندما رأى حفيدته في دار لرعاية لأطفال تديره وزارة الأسرة التركية. وقال وهو يقبل يديها: "أنتِ حياتي، حمدًا لله أنني عثرت عليكِ".
وأودى زلزال تركيا بحياة زوجة كيليسلي وابنته، والدة زهرة، وصهره وشقيق زهرة يوسف الذي كان يبلغ من العمر 4 سنوات. وقال "هذه الصغيرة ليس لها أم ولا أب ولا جدة ولا أحد، أنا الوحيد الباقي لها".
45 ألف ضحية زلزال تركيا
لقي أكثر من 45 ألف شخص حتفهم في تركيا، ليرتفع إجمالي عدد ضحايا الزلزال، بمن فيهم الذين قتلوا في سوريا، إلى نحو 51 ألفًا.
وشرَّد الزلزال ملايين الأشخاص، وأُصيب 108 آلاف، ووجد بعض الأطفال أنفسهم بعيدًا عن أقاربهم بعد نقلهم إلى مستشفيات إثر إنقاذهم من تحت الأنقاض.
وقالت وزارة الأسرة، إنها علمت بأنباء عن اختفاء 301 طفل. واتصلت الوزارة بأقارب 170 منهم، وما زالت تبحث عن أقارب 23 آخرين. وتوفي 108 من الأطفال المفقودين.
جرح غائر
قال كيليسلي جد الطفلة: "لدي جرح غائر، لكنني أشعر الآن وكأنني نسيت ألمي، عثرنا على الرضيعة زهرة".
وأضاف أن زهرة كانت أول من خطر على باله عندما أيقظه الزلزال من ثباته، وتمكن من حملها من على فراشها وإيجاد مكان آمن لهما للاحتماء فيه بينما كان المبنى ينهار.
وأردف محتضنًا حفيدته: "هذه الطفلة المسكينة كانت تبكي باستمرار ولكنها نامت أيضًا لبعض الوقت تحت الأنقاض، حتى سمعني رجال الإنقاذ".
وتابع كيليسلي: "كنت أظن أنهم سيبقونها بالخارج حتي يخرجوني أنا أيضًا، لكن اكتشفت فيما بعد أنهم سلموها إلى هيئة إدارة الكوارث التركية".
لا فراق
نقل أعضاء في أطقم الطوارئ الطفلة زهرة إلى مستشفى في مدينة مرسين، ثم إلى أنقرة حيث استمر علاجها.
وقال الجد موجّها حديثه لحفيدته الباكية: "أنا في حداد على والدتك وأبيك وجدتك وشقيقك، لكن لا تقلقي، لن أتركك أبدًا يا حبيبتي".