قرأت في سيرة هشام بن عبدالملك الخليفة الأموي العاشر الذي حكم وعمره 34 عاماً لمدة 20 سنة أنه بعد موته ترك اثني عشر ألف قميص وشي، وعشرة آلاف تكة حرير، وحملت كسوته لما حج على سبعمائة جمل، وترك بعد وفاته أحد عشر ألف ألف دينار، ولم تأت دولة بني العباس إلا وجميع أولاده فقراء لا مال لواحد منهم، وبين الدولة العباسية ووفاة هشام بن عبدالملك سبع سنين.
هذا الخبر عن هذا الخليفة الذي يتحدث التاريخ بإنجازاته دق لدي جرس إنذار كما يدق عند كثير ممن يقرأ التاريخ وما حوله بتأمل، حول حقيقة الدنيا والطرح المغالي حول النجاح فيها وأنها الأساس الذي يتوقف عليه نجاحنا، وقد يتجاوز الطموح حدود القدرات فنقع فيما لا تحمد عقباه، أو نخسر من هو أهم من الدنيا وما فيها بسبب السعي للثراء وبناء الآمال الدنيوية.
هل تريد أن نزهد في الحياة؟!
لا! ولكن أريد أن نعطي الحياة قدرها، فنسعى لتحقيق النجاح فيها بدون أن نخسر سمعتنا ومن نحب، ونخسر آخرتنا التي هي الأطول والباقية، والحمد لله على نعمة الإسلام الذي وضح لنا الحقيقة وعلّمنا أهمية التوازن.
اليوم البعض يتجشم سبل الحرام والفساد من أجل أرباح دنيوية سيذهب عنها ويكون لورثته وردها وعليه شوكها غير سمعة الدنيا التي لن تكون بأفضل حال.
والبعض الآخر يدخل في حروب لا تتوقف مع إخوانه وأخواته وأقاربه وجيرانه من أجل دنيا مهما بلغت سيرحل الجميع عنها، وتبقى مشاكلهم تتحدث بها الأجيال برثاء وشفقة.
ولعل أحد أسباب المشكلات الزوجية هو المغالاة في النظرة الدنيوية، فالزوج يظن أن زوجته ستتلاعب هي وأهلها بأمواله، والزوجة ترى أن الزوج بخيل لأنه لا يعطيها مثل ما يعطي الآخرون زوجاتهم.
وتتفاقم المشكلة عندما ينتقل هذا الأمر إلى التربية فيربي البعض أولاده على الجشع وأن الناجح من يبيع كل ما يقدر على بيعه، ويرى أن هذا هو إعدادهم الصحيح للحياة، فإن لم تكن ذئباً التهمتك الذئاب، وإن لم تحذر من العقارب لدغتك وقد تكون أقرب الأقارب.
يجب أن نكون أكثر وعياً في تعاملنا مع دنيانا، فنعمل لها وكأننا نعيش أبداً، ونعمل لآخرتنا وكأننا نموت غداً. وتظل الحياة قصيرة يجب أن تُعطى حجمها الطبيعي في التخطيط.
@shlash2020