بدون الغوص في المعاني الدقيقة للمفردات، نجد أنفسنا أحياناً أمام مفترق طرق حول تشكيل علاقاتنا بالآخرين. بعض الأسئلة تنشأ من داخل المشاعر والوجدان والتصورات التي تلازم كل علاقة لنا، سواء كانت تلك العلاقة عابرة، ووقتية، أو راسخة ومهمة وحميمة. أيُ السبل أكثر راحة وأمانا ورضا، قبول العلاقات التي يغلفها الود والتقدير والاحترام ومعاني العطف، أم تلك التي تقوم على الهيبة والتوجس والضغط العصبي والنفسي. المزعج أحيانا أن الموضوع في بعض العلاقات مع من حولنا لا يتضمن مساحة للاختيار، بمعنى أن العلاقة محكومة بنمطية واحدة، على كل الأطراف القبول بها كحتمية، وبالتالي يعلب كل طرف الدور المطلوب منه، فهناك الطرف الذي يمثل الهيبة، والوقار، وربما التسلط في بعض الأحيان. وهناك الطرف أو الأطراف الأخرى التي تمثل دور المتماهي في تلك العلاقة بشروطها المجحفة، والقاسية. يُقال إن العلاقات التي تبدأ مرنة وودودة تقوى مع الأيام بالاحترام والعطف، وتصبح بلسماً لكثير من المشاكل والأوجاع الكثيرة في هذه الحياة، الغريب أن البعض يعيشها دون أن يلاحظ تفاصيلها المهمة التي تعني انعكاساتها الإيجابية على النفس، والروح. والمشكلة في هذا النوع من العلاقات رغم صحيته ونموذجيته أنه يبقى المقياس الذي تبنى عليه العلاقات، فيصبح الإنسان الذي اعتاد عليه لا يقبل بعلاقة بينه وبين الناس ما لم تك في هذا المستوى. في الجانب الآخر تبقى علاقات لا يمكن إنكارها تحاط عادة بالهيبة والحذر الزائد ربما وببعض المبالغة في مراقبة الذات على كل صغيرة وكبيرة. ويرى البعض أن من يخلق لنفسه هالة صارمة من الهيبة في تعامله الرسمي جداً مع الناس قد يكون مصابا ببعض المشاكل التي تؤثر سلباً على العلاقات الاجتماعية، ويذهب البعض إلى أكثر من ذلك، وهو الإعلان صراحة عن نفورهم من العلاقات التي يكسوها جفاف وصرامة تسمى هيبة أحد الأطراف. في الفضاء العام للعلاقات الإنسانية ينصح البعض بشكل عام بتجنب العلاقات التي لا توفر قدرا ما من الود والتقدير، ويرون أن أي علاقة يصاحبها توجس، وحذر، فإن الإنسان بغنى عنها تماماً، والسبب بسيط كما يؤكدون أنها تورث المرء مشاعر سلبية، ولا تجلب له أي نوع من أنواع الطمأنينة التي هي وقود العلاقات المتوازنة. هذا يعيدنا إلى السؤال من جديد.. هل هناك أشخاص لهم هيبة أو يستحقون أن يكونوا مهابين، وهناك آخرون سلوكهم ينمي روابط الحب والاحترام معهم؟ نبحث هذا السؤال في لقاء آخر بأمر الله.