يتفق اللغويون على أن مفردة صوم تعني الامتناع عن الحديث، (إني نذرتُ للرحمن صومًا فلن أكلّم اليوم إنسيّا) سورة مريم. وأن مفردة صيام هي التي تعني الامتناع عن الأكل والشرب (وأتموا الصيام إلى الليل)، ويختلط التعبير عند بعض العامة.
مظاهر هذا الشهر الغالبة هي انصراف الناس لفعل الخيرات. ومن فعل الخيرات تلاوة الذكر الحكيم، وإعطاؤه الأولية على قراءة الأشياء الأخرى. والكثير يحتسب بأن يختم التنزيل مرتين أو أكثر، ويتصدق بأجر لموتاه.
وفي بعض البلاد الإسلامية تُظهر الصحافة أبوابًا تحت عنوان «سلّي صيامك». ولم تكن تلك العادة معروفة عند الأقدمين.
والمنتقَد أيضًا عند المجتمع الخليجي هذه السنين أن ندرة العاملات المنزليات أصبحت تسلّطا مُقلقا داخل أذهان ربات البيوت السعوديات عندما يُقبل الشهر الكريم. تصاحبها مسحة من الهمّ، وربما الخشية والخوف من شر مرتقب. فيرتفع سهم «الخادمات الهاربات» - كما يُعلن عنهن صراحة -.
ويبدأ النذير يدق من شهر شعبان، والشعور السبقي والحس الداخلي لا يتركان القلب مرتاحًا، وكأنهما ينتظران حدوث شيء غير مرغوب.
وتتفق آراء أهل التغذية في أن أنفع شيء للصوم هو الخضار والفواكه والسلطة الطازجة، وأن المقالي بأنواعها ما هي إلا طريق سالك لتلبّك المعدة وعسر الهضم. وهذا بحد ذاته لا يوجب زيادة الخدم.
وأعتقد أن حاجة الأسر للخادمات هو هذا الكم الوافر من الأواني خلال التحضير، ثم هذا الكم الكبير من الحلويات والمعجنات والمكسرات التي يأتون عليها آخر الليل (قبل وجبة السحور..!) فتتراكم الأطباق وتزدحم المغاسل بأوانٍ فوق قدرة أهل المنزل، فيدفعهم هذا العبء المحتمل إلى استئجار خادمة بالسعر الذي يحددهُ السمسار، أو «المهرّب!» - سمعتُ أن التكلفة (أو السوم) تزيد على ثلاثة آلاف ريال.
ويتمركز السماسرة في بعض الأحياء الشعبية أو في البقالات والمطاعم الخاصة ببيع مستلزمات هذه الجاليات، رواتب الخادمات خصوصًا مع اقتراب شهر رمضان، الذي يُعتبر بالنسبة لهم ذروة الموسم.
ورأينا أن التهنئة النصّية عبر الجوال بالشهر الكريم بين ربات البيوت صارت تشمل تمنيات وأدعية مثل «وأن يرزقكِ الخادمة الصالحة التي تُعينكِ إذا انشغلت، وتذكّركِ إذا نسيتِ. ويحفظها من سماسرة الدعوة للهروب».
والصيام دعوة للحركة والنشاط، وحين أمر الإسلام بالصيام لم يُقصد به أن يحبس الصائمون أنفسهم طوال النهار تاركين أعمالهم الدنيوية بحجة الصيام، وهم لو فعلوا ذلك ما امتثلوا حقًّا لتعاليم الإسلام التي تقدّس العمل وزيادة الإنتاج، وإعجاز الكون في رمضان وما قبل وبعد رمضان.
والمسلم يجدها فرصة لمواصلة السعي والجد في العمل. وعلينا أن ندرك أن العبادات كلها دعوة للحركة والنشاط، ففي الصلاة قيام وركوع وسجود وحركات متكررة، والزكاة تحصيل للمال من طرقه المشروعة، وإخراجها إلى أصحابها من ذوي الحاجات، والحج حركة من بداية الشعيرة حتى نهايتها.
@A_Althukair