الحديث عن مشروع نيوم وأهميته قد يظن البعض أنه كان كافيًا لتعريف الرأي العام بأهمية المشروع، ولكن الحقيقة أن ما نُشِر محليًّا وعالميًّا وإن كان ركّز على أهمية المشروع وتميّزه إلا أنه يظل يقال للتعريف بالتغيرات التي يُحدثها، والتي ستكون أنموذجًا يُحتذى لغيره من المشاريع في المنطقة والعالم، فهو أول مشروع في منطقة الشرق الأوسط على الأقل يشكِّل مدينة عابرة للحدود، حيث يشمل أراضي داخل دولتي الأردن ومصر، وهو بذلك يضم مناطق ذات تنوُّع طبيعي وجغرافي قلّ نظيره، أما تصميمه فقد قُصد به أن يكون مختلفًا ومتفوقًا على كبرى المدن العالمية، إضافة لما يُتيحه من فرص اقتصادية؛ مما سيجعله مركزًا اقتصاديًّا، ووجهة سياحية للعالم بأسره.
ومما يتميّز به أيضًا أن المنطقة الخاصة التي يقوم عليها سوف تنفذ فيها أنظمة وتشريعات تم إعدادها بالاستفادة من أفضل التجارب العالمية، خاصة في مجال الاستثمار؛ مما يجعلها منطقة تستقطب المستثمرين، حيث ستكون للمنطقة أنظمتها الخاصة فيما (عدا الأنظمة التي تتعلق بالسيادة الوطنية)، ومن الوسائل التي اتخذت لتوفير البيئة الاستثمارية الجاذبة أنه بدأ بتأسيس ركائز البنى التحتية الرئيسية؛ ليكون الانتهاء منها بانتهاء المرحلة الأولى من المشروع عام 2025، إضافة إلى الاتصال مبكرًا مع أهم المستثمرين على الصعيد العالمي، ومن ذلك أيضًا عناية المشروع بتوفير أفضل سبل العيش والفرص الاقتصادية، واستقطاب أفضل المواهب العالمية إلى المنطقة التي سيعيش فيها السعوديون والمقيمون على حدٍّ سواء من جميع النواحي، أسوة بما يتم في المناطق الخاصة في العالم، كما أن طبيعة المنطقة ستتطلب وجود قوى عالمية ذات مهارات عالية في المجالات الإستراتيجية والإبداعية، ومما يميّز المشروع أنه لا يقتصر على واحد من القطاعات الاقتصادية، بل يقوم على أهم تسعة اقتصاديات عالمية تشمل الطاقة والطاقة المتجددة على وجه الخصوص، وكذلك قطاعات المياه والنقل والتقنيات الحيوية ومستقبل الغذاء والعلوم التقنية والرقمية والتصنيع المتطور وكذلك مستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي ومستقبل الترفيه ومستقبل المعيشة، حيث يتوقع أن تبلغ مساهمته في الناتج المحلي مع نهاية الرؤية 2030 نحو مئة مليار دولار.
أما كيفية التركيز على هذه القطاعات التسعة فستكون بتخصيص مساحات واسعة من الألواح الشمسية، وشبكات تخزين الطاقة، ويربط الخطوط البرية والبحرية والجوية مع المنطقة، كما سوف نجد اهتمامًا بالأبحاث التقنية الحيوية والعلاج الجيني وأبحاث الخلايا الجذعية، وتقنيات الناتو الحيوية والهندسة الحيوية، كما سيتم البحث عن الحلول لإنتاج الأغذية بدون استخدام المياه وتحلية مياه البحر، واعتماد سياسة المصدر المفتوح في مجال العلوم التقنية والرقمية؛ مما يمكّن العلماء من تحليل البيانات وإطلاق الابتكارات، كما سيقوم التصنيع على تقنية النانو والطباعة ثلاثية الأبعاد وإنترنت الأشياء، والمركبات الكهربائية والإنسان الآلي (الروبوت) والمواد المتجددة، وستشمل حلول التنقل الذكية القيادة الذاتية بما في ذلك الطائرات والأنظمة المرورية، وإنشاء بيئة متطورة لأصحاب الكفاءات والمهارات في مجال الإعلام والإنتاج الإعلامي، وإنشاء عدد كبير من الملاعب وقاعات الفنون البصرية، وسيتم التركيز على المعيشة باعتبارها ضرورية لباقي القطاعات التي ستكون بحاجة إلى مستوى متميز من السكن والتعليم والخدمات الصحية والمساحات الخضراء..
الحديث وحده يأخذ خيالك بعيدًا، فما بالك بالحقيقة عندما تصبح واقعاً؟، هو فعلًا ما تعنيه كلمة نيوم (المستقبل الجديد)!!