يقول المَثل (كل ذي عاهة جبار)، بمعنى أنه يمتلك من الهِمَّة والطموح ما لا يتوافر لدى أقرانه من الأسوياء، وبالتالي فإن تلك القوة والإرادة توصله إلى مصاف النابغين والعباقرة.
في التاريخ لدينا الكثير من الشواهد التي تؤكد أن الإعاقة ليست سوى دافع كبير للتحدي والتفوق على أقرانهم، ولا أبالغ إذا قلت إن أغلب الفصول الدراسية في جميع المراحل التي يدرس بها بعض ذوي الإعاقة تؤكد على إبداعهم وحصولهم على أعلى الدرجات، بل تجد أن الطلبة الأسوياء يذهبون إلى هؤلاء للاستفادة منهم، والنهل من قدراتهم المعرفية، نسبة كبيرة من النوابغ على مر التاريخ من أصحاب الإعاقة الذين لم تمنعهم من التفوق والتحدي للوصول إلى أعلى درجات العلم والأدب منهم على سبيل المثال لا الحصر (أبو العلاء المعري، بشار بن برد، الشيخ عبدالعزيز بن باز، الرافعي، بيتهوفن وغيرهم كثير)، أغلب ذوي الإعاقة لم يستسلموا لتلك المشكلة وأصبحوا بلا هدف في الحياة، بل على العكس ثابروا وكافحوا حتى وصلوا إلى مبتغاهم حتى تحوّلوا إلى علم يُشار إليهم بالبنان.
وفي رأيي أن ذلك يتعلق بالناحية النفسية لدى أغلب هؤلاء الذين ربما يشعرون في داخلهم بالضعف، جراء فقد إحدى الحواس أو الأطراف؛ مما يولّد لديهم قوة داخلية تدفعهم للتميّز عن الآخرين بشكل كبير.
عندما ذكرت الحكمة (كل ذي عاهة جبار)، فإن ذلك لا ينطوي على مبالغة مطلقًا؛ لأن هؤلاء يمتلكون قدرات هائلة لم نستطع توظيفها لصالح مجتمعاتنا، وبناءً عليه من الأفضل استثمار تلك القدرات بشكل إيجابي وتوجيهها التوجيه السليم من خلال الاهتمام بهم، والتركيز عليهم في موضوع التعليم والتدريب، أعرف شخصيًّا بعض الأشخاص من ذوي الإعاقة الذين يمكن أن نُطلق عليهم عباقرة علمًا وفهمًا وذكاءً، ولكن لم يجدوا الاهتمام الكافي، مما حرمنا الاستفادة منهم، ولذلك أتمنى من وزارة التعليم أن تطلق برنامج (ابتعاث) خارجي خاص لذوي الإعاقة، يراعي توجهاتهم، ومكامن تميّزهم للدراسة في أرقى الجامعات؛ ليعودوا بعد ذلك، ويساهموا في بناء الوطن، أعتقد أن الدراسة الخارجية للمعاق ستؤتي ثمارًا أكبر؛ نظرًا لانصراف ذلك الشخص للعلم بحكم الظروف التي تحتم عليه ذلك؛ مما يجعل الفائدة منه أفضل للوطن.
تخصيص نسبة لا تتجاوز 10% من مقاعد الابتعاث للمعاقين فكرة جديرة بالدراسة.
@almarshad_1