من المحاضرات القيّمة التي عُقدت بمنتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف لصاحبه المهندس جعفر الشايب، قبل أيام، محاضرة للناقد الأدبي البحريني الدكتور علوي الهاشمي تحت عنوان «منهج الأسلوبنيوية في الشعر السعودي»، حيث أكد على أن الشعراء السعوديين من خلال تتبّعه ودراسته النقدية لأعمالهم الأدبية يتميّزون بالسبق، وخلق الدهشة الفنية، وتعدد الأساليب الشعرية الإبداعية، ومن المعروف أن منهج الأسلوبنيوية يُعدّ من أصعب الظواهر الأدبية في الشعر العربي المعاصر، حيث يعتمد على عنصرَين متفاعلَين ضمن ثنائيتي السكون والحركة.
ورغم الجدل الدائر حول الفصل بين الأسلوب والبنية إلا أنهما في واقع الأمر لا يختلفان بل يعملان مع بعضهما من خلال التأثير المتبادل المتماوج في نتاج العديد من شعراء المملكة، وهما من الثنائيات القائمة في المجال الأدبي، فطروحات التفريق والفصل بين البنيوية والأسلوبية لا تبدو صائبة في معظم حالاتها؛ لأن التعامل مع العنصرَين يندرجان تحت قائمة الثنائيات التي لا يمكن أن يستغني أحدهما عن الآخر.
ويبدو التفريق صعبًا باستقراء وظيفة اللغة في ظل تلك الثنائيات رغم حالات الجدل المتباينة حولها بين مختلف المناهج النقدية، فإذا تفحّصنا نظرية الثابت والمتحوّل على سبيل المثال باعتبارها مسألة فلسفية صِرفة قد تصل إلى مرحلة التضاد أحيانًا فإننا نجد أن الفصل بين الثنائيات داخل مفاصلها لا يبدو سليمًا، وكذلك الحديث عن الأسلوبَين في جوهره شائك وماتع في آنٍ، وقد أخذ من كتابات النقاد مساحات متعددة من الاهتمام غير أن معظمهم اجتمعوا على عدم إجازة الفصل بين الأساليب الثنائية، والشعر السعودي الحديث شهد العديد من التجارب الناجحة التي أخذت بمنهج الأسلوبنيوية.
ولعلنا نجد ذلك واضحًا فيما كتبه المحاضر من دراسات نقدية تناولت أعمال بعض شعراء المملكة، حيث يتبيّن من قراءة تضاعيفها ظهور الأساليب الإبداعية داخل تلك الأعمال بمختلف اتجاهاتها وأغراضها.