تشكّل المتاحف الخاصة بمنطقة جازان مصدر جذب سياحي لزوار منطقة جازان، تضاف إلى المقومات السياحية التي تشتهر بها، فضلًا عن حضورها وأهميتها الثقافية الكبيرة، التي تعرف بموروث المنطقة.
وتبرز تلك المتاحف الجوانب التراثية، وتاريخ الأجداد، وحمايته والمحافظة عليه في إطار ثقافي معرفي للجيل الحالي والقادم، بمعروضات لجيل عاش حقبة زمنية وترك العديد من القطع التي تُشكل اليوم ثروة للمهتمين بها.
وأسهم أهالي المنطقة عبر المتاحف الخاصة التي عملوا على إنشائها، في حفظ التراث الحضاري والإنساني والعمراني للمملكة على وجه العموم، ومنطقة جازان على الوجه الخصوص، وجعلوها ذاكرة حية تربط الحاضر بالماضي، ومنبرًا من منابر الوعي التي تثقف جيل اليوم بتاريخ بلادهم ومجتمعهم وحضارتهم الكبيرة التي امتدت لقرون، علاوة على أنها وجهة حضارية وسياحية لزائري منطقة جازان، والمهتمين بالتاريخ والتراث، وطلاب المدارس والجامعات وطالباتها.
متحف جبل طلان
يبرز متحف "جبل طلان" لصاحبه جبران العليلي المالكي، علامة فارقة في الحراك الثقافي والسياحي الذي تشهده المحافظات الجبلية بمنطقة جازان، ورغم أنه متحف خاص فإنه يضم بين جدرانه 8 آلاف قطعة أثرية نادرة، تؤكد للزائر القيمة الثقافية والأثرية التي يمتلكها المتحف الذي يتنفس عبق التراث وروح الأصالة وعراقة الماضي التليد.
ويتألف المتحف من بناء من دور واحد فقط، ويتخذ طابعًا مستديرًا يصل قطره إلى نحو 10 أمتار ، ويضم عددًا من أدوات القهوة وأواني الطبخ وبعض المصنوعات الجلدية والملابس الخاصة بالنساء، ومجموعة من الأسلحة القديمة التي كانت تستخدم في الحروب، وعددًا من الأدوات الحجرية القديمة.
متحف "جازان" للباحث العواجي
متحف "جازان" للباحث الدكتور علي بن محمد العواجي، الذي يضم آلاف القطع التراثية التاريخية التي تجسد قدم وعراقة الحضارة في منطقة جازان، الممتدة عبر العصور التاريخية المختلفة منذ العصرين البرونزي والحجري، وصولًا إلى العصور التاريخية قبل الجاهلية والعصر الإسلامي.
وتبرز في المتحف أوعية ومطاحن مختلفة من العصور الحجرية، وسُرج من عصور قبل الميلاد، وفؤوس وأدوات حجرية تليدة، ونقوشات صخرية شكلت وجوهًا بشرية وحيوانات وطيورًا، إلى جانب نقوش صخرية للبرق، ومنحوتات صخرية أخرى للشمس والقمر، وأوانٍ فخارية ومباخر من عصور قبل الميلاد.
وتؤكد تلك الأدوات التراثية، وفقًا للمتخصص في التاريخ الدكتور العواجي، أن منطقة جازان تزخر بإرث حضاري عريق، موغل في القدم منذ العصور الحجرية القديمة.
ومن القطع التراثية المحفوظة بالمتحف الواقع في مدينة جيزان، العديد من الأدوات الطبية المستخدمة في العصور الإسلامية المتعاقبة، ومنها أدوات الجراحة وغيرها، إلى جانب أدوات فخارية من العصر الإسلامي والعباسي، وكذلك عملات من العصور الإسلامية، منها دينار ضُرب في مدينة بيش في العهد العباسي عام 346هـ، ودينار آخر ضُرب في مدينة عثر القريبة من صبيا، وهي ميناء تاريخي في العهد العباسي عام 338هـ.
متحف الجلود
يعرض متحف "فن صناعة ودباغة الجلود" الواقع في جبال الحشر بمحافظة الداير، ويضم قطعًا أثرية يعود تاريخها لأكثر من 200 عام، الحياة القديمة ودور المرأة في القطاع الجبلي بمنطقة جازان، ومشاركتها في أنماط الحياة، معرفًا بالأدوات المستخدمة آنذاك.
وأوضحت صاحبة المتحف ساترة الحريصي، أن المتحف يضم أكثر من 2000 قطعة مصنوعة من الجلود والخوص، وأدوات الزراعة والحرث والحصاد، وأوان للطبخ وأدوات الكيْل والملابس التراثية والحُلي النسائية المستخدمة قديمًا، فضلًا عن أدوات حصاد البن وتحميص القهوة وإعدادها، وكذلك الأواني الخشبية.
ويهوى العديد من أبناء جازان جمع المقتنيات القديمة والتاريخية، خاصة ما يتعلق بالأسرة من الأجداد والجدات والأباء والأمهات، الأمر الذي يجعلها تُشكل التحامًا شخصيًا لديهم؛ كونها ذات معنى خاص في حياتهم، وتلحظ عليهم حبهم لها، وتعلقهم بها، حتى إنهم يعرفون أدق التفاصيل عن كل قطعة، لتؤكد تلك الهواية عشق أبناء منطقة جازان تراث أسلافهم، وتعلقهم به، وحبهم وترسيخهم له، وللأجيال القادمة والمتعاقبة.