DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

مركز ويصا واصف بمصر.. 71 عامًا من فن السجاد اليدوي

مركز ويصا واصف بمصر.. 71 عامًا من فن السجاد اليدوي

بدأت نجلاء رضوان "51 عامًا" رحلتها في أروقة مركز رمسيس ويصا واصف للفنون في قرية الحرانية بمحافظة الجيزة المصرية منذ نعومة أظافرها فقد كانت والدتها ضمن فنانات يغزلن لوحات السجاد اليدوي بالمركز.

ومنذ الصغر كانت نجلاء تعتبر المركز بمثابة منزلها الثاني، وتقول "والدتي وزمايلها كانوا كلهم بيجيبوا ولادهم معاهم" الذين كان يمكنهم اللعب بالحديقة أو "السدي" أي الغزل على أنوال صغيرة إذا أحبوا المنسوجات اليدوية، وتضيف "إحنا كان لينا مطلق الحرية كأنه بيت جدنا".

واتبعت نجلاء خطى والدتها وتعلمت فن غزل السجاد اليدوي وأصبحت فنانة تنتج لوحات فريدة منذ ما يقرب من 40 عامًا.

مركز الفنون مع رمسيس ويصا واصف

تبدأ قصة مركز الفنون مع عودة المعماري الراحل رمسيس ويصا واصف، الذي توفي عام 1974، إلى القاهرة بعد تخرجه في كلية الفنون الجميلة بالعاصمة الفرنسية باريس. وانبهر واصف بالحرف اليدوية المنتشرة في مصر آنذاك وتمنى أن يطورها.

وتقول ابنته سوزان واصف "73 عامًا" إنه مع دخول الميكنة انتاب واصف القلق من اندثار تلك الحرف وحينما حاول التقرب من بعض الحرفيين، الذين استمروا في مجالاتهم ليشجعهم على "إضافة حياة" لأعمالهم وجدهم "متجمدين" بحسب وصفها.

وأضافت سوزان "لقى إنهم بينقلوا القديم بدون أي إحساس وده اللي دفعه إنه يخاطب الطفل".

لطفية محمد آخر بقايا الجيل الأول تحضر الشاي لابنها بعد عودتهما من العمل في مركز رمسيس ويصا واصف للفنون- رويترز

خيال الطفل مع النسيج

في عام 1942، تعلم واصف الغزل على النول، وتقول سوزان "كان بيدور على حرفة مناسبة إنها تتحدي خيال الطفل إنه يبدع بيه ولقى إن النسيج ممتاز لديه لأنه بطيء فبيدي "يعطي" فرصة للطفل إن أفكاره تنضج مع عمله وفي نفس الوقت بتوحد الروح مع حركة الجسم".

اشترى واصف نصف فدان في قرية الحرانية وكان يتردد على القرية في عطلته الأسبوعية لمتابعة عملية بناء المركز. ووجد واصف إقبالًا من أطفال القرية على مساعدته في البناء وفضولًا تجاه سبب وجوده في قريتهم.

ونمت بينه وبين مجموعة مكونة من 15 طفلًا تراوحت أعمارهم بين ثمانية أعوام و11 عامًا نوعًا من الصداقة ودعاهم فور انتهائه من بناء المركز وشرائه للأنوال إلى الانضمام إليه لتعلم النسيج.

سيدتان تستريحان ويتحدثان معًا خلال فترة استراحة بمركز رمسيس ويصا واصف للفنون في قرية الحرانية في الجيزة- رويترز

مساعدة المحرومين من التعليم

تقول سوزان "رمسيس ويصا واصف كان بيحلم أنه يقدر يساعد ناس محرومة من التعليم العادي إنهم يعيشون حياة كريمة من خلال فنهم وطاقتهم الشخصية وده اتحقق على مدى سنين طويلة".

ومن ضمن هؤلاء الأطفال كانت لطفية محمد، التي انضمت إلى الجيل الأول من الفنانين وهي في السابعة من عمرها وتعلمت الفن على يد المعماري الراحل، وتبلغ لطفية الآن من العمر 68 عامًا وهي أكبر النساء بالمركز عمرًا وأقدمهن عملًا هناك.

تسترجع لطفية ذكرياتها مع المعماري الراحل وتصفه بأنه شخص بشوش ومحب "كان يدخل علينا يقول سعيدة يا أولاد. وكنت أي حاجة اعملها البيه كان يقولي حلو، وحش كانوا يقولولي حلو، كانوا بيشجعوني عشان أعمل أحسن".

لطفية محمد من الجيل الأول تلتقط صورة في منزلها بعد عودتها من العمل في مركز رمسيس ويصا واصف للفنون بقرية الحرانية في الجيزة- رويترز

الاعتماد على الطبيعة لأفكار اللوحات

على مدار الأعوام اعتمدت لطفية على الطبيعة من أجل أفكار لوحاتها، وذلك من خلال التنزه في حديقة المركز مع سوزان بحثًا عن الإلهام بين النباتات والزهور والطيور، وتقول لطفية "بنمشي في الجنينة نتفرج، هل المنظر ده عاجبني؟ لا ده أنا كنت عملاه قبل كده، عقلك يودي ويجيب لحد ما اختار الحاجة اللي أنا عايزاها".

يعمل بالمركز حاليًا ما يقرب من 27 فنانًا، وتعتقد سوزان أنه منذ إنشاء المركز قبل 71 عامًا، تعلم أكثر من 100 فنان إنتاج المنسوجات اليدوية.

أما عن أنواع المنسوجات، فأوضحت سوزان أنهم يعتمدون في اللوحات الكبيرة على نسيج الصوف، الذي ينفذه على أنوال رأسية، أما نسيج القطن فينفذه على أنوال أفقية. كما ينتجون نوعًا آخر من الفن وهو فن الباتيك أو الرسم على الأقمشة بالشمع، الذي تشرف عليه الأخت الأصغر لسوزان.

لطفية محمد وهي تحضر الغداء في منزلها بعد عودتها من العمل في مركز رمسيس ويصا واصف- رويترز

أسعار اللوحات من 10 إلى 200 ألف جنيه

تبدأ أسعار اللوحات من 10 آلاف جنيه مصري وتصل إلى 200 ألف جنيه وتتراوح المدة الزمنية لإنتاج اللوحة الواحدة من خمسة أشهر إلى عام وفقًا لحجم اللوحة وتفاصيلها.

وبحسب ما أوضحت سوزان، يتقاضى كل فنان ثلث قيمة العمل، الذي أنتجه موضحة أن الأجر يزيد مع نمو المستوى الفني، وأكدت أنها لا يعنيها عمر الفنان، وفور انتهاء العمل الفني يقيم ماديًا ويتقاضى الفنان أجره من قبل بيع القطعة وتفسر سوزان هذا القرار قائلة "حتى لا يصبح الفنان عبدًا لذوق المشتري".

ووجدت نجلاء التي تنتمي للجيل الثاني من الفنانين، والتي تعلمت على يد سوزان راحة نفسية في العمل بالمركز "الشغل بالنسبة لينا احنا مابياخدناش من حياتنا كستات ريفيات، ما بياخودنيش من بيتي من أهلي من ناسي، مافيش حضور وانصراف مش مربوطة مش متقيدة بشيء".

تحضر النساء الصوف لبدء صبغات نباتية طبيعية لخيوط الصوف المفروشة في مركز رمسيس ويصا واصف للفنون- رويترز

جيلان تعلما من واصف وابنتيه

اقتصر تعليم فن غزل لوحات السجاد اليدوي على الجيلين، اللذين قام بتعليمهما واصف وابنتاه، وتفسر سوزان ذلك "مابدأناش مع جيل ثالث لأن البني آدم الواحد ما يقدرش يربي جيلين في عمره، لأن باستمرار محتاجين تشجيع، محتاجين تأكيد على شخصية كل واحد عشان يقدر يزدهر".

وتعتقد سوزان أن الأجيال الجديدة قد تواجه صعوبة في التمكن من هذا الفن بسبب "المؤثرات الخارجية" مثل شبكات التواصل الاجتماعي.

وأضافت "ظروف الحياة اللي نجحت الجيلين اللي اشتغلوا معانا اتغيرت، دلوقتي بقينا محاطين بالعشوائيات ومبانٍ قاتلة، وقت الجيلين الأولانيين كان حوالينا غيطان، كانت حياة جميلة وطبيعية وريفية غنية بالطبيعة وجمالها، دلوقتي مافيش ده".

نجلاء فاروق إحدى فناني الجيل الثاني تصنع سجادًا تقليديًا منسوجًا يدويًا- رويترز