القدم السكرية هي مجموعة من التغيرات المرضية التي تؤثر في الأطراف السفلية والتي تشمل الجروح، التقرحات، الالتهابات البكتيرية والفطرية، والتي تنتج عادةً من المضاعفات التي يسببها مرض السكري مثل اعتلال الاعصاب وضعف الدورة الدموية.
ذكرت مديرة مركز السكر بشبكة الدمام الصحي د. فاطمة الجويسم، أن نسبة مشاكل القدم السكري تشكل 15- 25٪ من مرضى السكر، مشيرة إلى أن 85٪ من حالات البتر للأطراف السفلية هي بسبب القدم السكرية.
الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالقدم السكرية
وذكرت أن الإحصائية هذه بشكل عام من منظمة داء السكر الأمريكية ومن NCBI (National Center of Biotechnology Information )، أي أن ما يقارب 25٪ من مرضى السكر يصابون أو معرضين للإصابة بالقدم السكري.
وأضافت د. "الجويسم" أن من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالقدم السكرية هو ارتفاعات مستويات السكر في الدم، أمراض الأوعية الدموية الطرفية، وضعف الدورة الدموية، اعتلال الاعصاب والكلى، ووجود تشوه خلقي بالقدم، الجروح والتقرحات، وجود تقرحات سابقة.
وأوضحت د. الجويسم أن مرضى السكر معرضون لإصابات القدمين الخطيرة التي تعتبر من أهم المضاعفات المزمنة لمرضى السكر وحتى البسيط من هذه الإصابات، وبالتأكيد عندما يقل الاهتمام بها قد يتحول إلى مشاكل خطيرة.
وقالت: إن من أهمية الفحص الدوري لقدم المصاب بالسكري البحث عن الجروح والتقرحات أو أي مشاكل في القدمين والتأكد من الإحساس في كلا القدمين، والتأكد من سلامة الأوعية الدموية الطرفية والتأكد من عدم وجود أي التهابات فطرية او بكتيرية والمسارعة بأخذ المشورة الطبية حتى لا تتقدم الحالة وتصل إلى مراحل متقدمة.
وأشارت إلى أن هناك علامات مبكرة التي ترتفع معها خطورة تقرح القدم وهي: حدوث تغير في لون الجلد إلى الأسود أو الأحمر، والشعور بالتنميل والحرارة في القدمين، حدوث تورم في القدم المصابة، ظهور بثور في المنطقة المصابة، جفاف الجلد الشديد، وجود جروح او اصابه في القدمين، خروج إفرازات ذات رائحة كريهة من قرحة القدم.
أكدت د. الجويسم أن كلما كانت الحالة في بدايتها كلما كان الحل العلاجي بسيط، فإذا كانت الإصابة بجروح أو تقرحات بسيطة في درجاتها الأولى، فيمكن معالجتها بتنظيف الجرح وإزالة الأنسجة الميتة واستخدام المضادات الحيوية والالتزام بتعليمات الوقاية.
وبينت د. الجويسم أن توصل مرحلة الغرغرينا عند القدم السكرية، عندما تتأثر الأوعية الدموية وتصل إلى مرحلة انسداد شرايين القدم مما يعيق تدفق الدم وعدم إيصال كمية كافية من الدم المحمل بالأكسجين إلى أنسجة القدم وبالتالي تكون القدم عرضه للالتهابات والعدوى البكتيرية ومن ثم قد تصل إلى مرحلة غرغرينا القدم.
أيضًا عندما تتأثر الأعصاب بسبب ارتفاعات مستويات السكر المتكررة يؤدي ذلك إلى فقدان الإحساس في القدمين، أي عدم الشعور بالجروح والقروح التي تصيب القدم؛ مما يؤدي إلى أن تكون عرضه للإصابات والالتهابات البكتيرية.
وتصل الحالة إلى البتر للقدم السكرية في بعض الحالات المتقدمة والحرجة عندما تصيب الغرغرينا جزء من الجسم وينتشر، فيمكن أن يكون الحل الوحيد هو البتر، وإزالة المنطقة المصابة.
ولفتت أن من أسباب حدوث التقرحات التي تعتبر من الأسباب الرئيسية للبتر عند مرضى السكر إن القصور المزمن في الدورة الدموية للقدم يكون عادة في كبار السن، ومرضى السكر والضغط، والمدخنين، وزيادة الكوليسترول والدهون الثلاثية، السمنة، وعدم ممارسة الرياضة.
غرغرينا القدم
أضافت د. الجويسم أن العلاج غير الجراحي لغرغرينا القدم بهدف تجنب البتر من خلال إزالة الأنسجة الميتة وذلك لمنع انتشار الغرغرينا، وإعطاء فرصة للأنسجة السليمة المحيطة للعلاج والالتئام.
وذكرت أن هناك علاج بالمضادات الحيوية في بعض الحالات المصابة بعدوى بكتيرية من خلال العلاج بالأكسجين عالي الضغط، بإدخال المريض في غرف مغلقة ذات ضغط عالي، وتوفير غطاء أكسجين للوجه لإمداد المريض بالأكسجين اللازم لعملية التنفس، بجانب رفع مستوى الأكسجين في الدم ويزداد تدفق الدم إلى المنطقة المصابة مما يزيد سرعة الشفاء.
أيضًا علاج القصور في الدورة الدموية وتصلب الشرايين عن طريق القسطرة العلاجية لتوسيع الشريان المسدود أو الضيق بالبالونة مع تركيب دعامة، وتعتبر الأشعة التداخلية أيضًا من التدخلات العلاجية الحديثة اللي تقلل من حالات البتر عند الإصابة بالقدم السكري.
أكدت د. الجويسم أن حياة المريض تتأثر بعد عملية البتر، وتعد العناية النفسية بهؤلاء المرضى حجر أساس في إمكانية عودتهم إلى الحياة الطبيعية، حيث يتعرض ما يزيد عن 30% من هؤلاء المرضى لاكتئاب حاد جراء تلك العملية، ومن خلال بعض الأساليب ومن ضمنها تركيب الأطراف الصناعية سيتمكن مرضى البتر من الوصول للمرحلة الآمنة، والعودة للحياة بشكل أقرب للطبيعية.
ذكرت د. الجويسم الحل المناسب عندما تصل المرحلة إلى التهاب الأعصاب الطرفية، أو قلة تروية القدم من الدم هو المحافظة على قراءات جيده للسكر وضغط الدم، والتوقف الفوري عن التدخين، وممارسة الرياضة بشكل دوري، والحفاظ على خفض الكوليسترول في الدم، وتناول نظام غذائي صحي منخفض في الدهون المشبعة، والحفاظ على وزن صحي، والحفاظ على درجة حرارة الجسم وعدم التعرض لدرجات حرارة منخفضة، والاعتناء بالجروح وتجنب حدوث أي عدوى أو التهاب.
أيضًا يعتمد على حسب حالة المريض ومدى تقدمها، ففي البداية توجد لدينا الخيارات الغير جراحية وفي المراحل المتقدمة يجب التدخل جراحيًا للحفاظ على بقية الأنسجة السلمية وحتى لا يتعرض المريض لعدوى تؤثر على سائر الجسم.
وأكملت: "الجويسم": يجب على الدكتور توعية مرضى السكر في كل زيارة بطبيعة المرضى وأهمية الحفاظ على مستويات سكر منتظمة في الدم والحفاظ على نمط حياة صحي، عن طريق الالتزام بتغذية جيدة وممارسة الرياضة تجنبًا لحدوث مضاعفات السكر العديدة التي من ضمنها القدم السكري، مبينة أن دور الأسرة عند إصابة قدم مرضى السكر هو التوعية - التوعية - التوعية.
وقالت د. الجويسم إن من أهم طرق الوقاية والعناية اليومية بالقدم السكرية هو الحفاظ على انتظام مستويات السكر في الدم في غالب الوقت، والالتزام بنمط حياة صحي عن طريق الحمية وممارسة الرياضة، الفحص الذاتي للأقدام وذلك عن طريق البحث عن آثار للجروح والكدمات ومناطق الضغط والاحمرار ومشاكل الأظافر.
أضافت: تحسس كل قدم ومدى تورمها وفحص ما بين الأصابع، الحرص على نظافتها وغسلها يوميًا بالماء الدافئ والصابون وتجفيفها جيدًا وخاصةً بين الأصابع، ترطيبها بالكريمات المرطبة وتجنب وضع الكريم بين الأصابع، تقليم الأظافر بطريقة مستقيمة، ارتداء الأحذية الطبية الخاصة، المراجعة الدورية لعيادة عناية القدم، وتجنب التدخين.
ونبهت د. الجويسم أن كلما كان التدخل مبكرًا وجرى علاج مرض السكر عند الإصابة به بشكل صحيح وجيد في مراحله الأولى كلما قلت الإصابة بمضاعفات القدم السكر والمضاعفات الأخرى التي ممكن يتعرض لها مريض السكر.
نصائح مهمة قبل عملية بتر القدم السكري
من جهته، نصح المختص النفسي والمستشار الأسري فهد القرني: لا بد من زيارة المريض للطبيب النفسي قبل عملية البتر وأن يُهيئ قبل العملية، حتى لا تسبب له صدمة، وذلك من خلال التحدث مع أسرة المريض ومحاولة إيصال الخبر له بطريقة يتقبلها، فنحن دائمًا نقول من أخلاقيات المهنة ومن حقوق المريض أن يعرف حالته الصحية، طالما انه إنسان وصل إلى سن الرشد.
وذكر القرني: التأثر النفسي بعد البتر يختلف من شخص إلى آخر، من ناحية العمر أو نوع الجنس، ومدى قوة هذا الإنسان من ناحية القوة النفسية والإيمان بالقضاء والقدر، ثانيًا طريقة إيصال الإجراء الذي يتخذ معه من قبل الفريق الطبي، ثالثًا الأسرة والأقارب من الدرجة الأولى لهم دور أساسي ورئيسي وفعال، فوجود الدعم النفسي من قبل الفريق الطبي والأسرة والأقارب نجد أن الموضوع مُتقبل.
ومن ناحية دور الأسرة نفسيًا ومعنويًا ذكر القرني، أن دورهم أساسي ورئيسي لمن فرض عليه أن يُبتر جزء من اطرافه.
وأكد القرني: إن "من المهم أن يعي المجتمع دور الدكتور من ناحية العلاج ومن الناحية النفسية، فدوره ليس فقط العلاج، بل له أدوار نفسية لكن أن يكون (مختص نفسي)، طالما يوجد دكتور نفسي فهو الوحيد المخول لصرف الأدوية النفسية لعلمه في هذه الأدوية ودواعي استعمالها، ويضع خطة علاجية ومن خلال جلسات نفسية وما يسمى بـ " التوك ثاربي"، فبتالي لا ينفع أي شخص أن يأخذ جرعات دوائية من طب نفسي دون جلسات مع مختص نفسي، فالطبيب النفسي دوره في العلاج والمختص النفسي دوره في الجلسات".
وأشار "القرني" "من طرق الوعي بنفسية المريض بعد عملية البتر، هو موضوع حساس للغاية، فمن تعرض للبتر هم في حاجة تعاطف وليس لشفقة، وشتان فيما بينهم، فيجب الابتعاد عن نظرات الشفقة، ودعمه بالكلمات التحفيزية".