كوارث الطبيعة، كما قدَّرها الله، آية من آياته، وهي مؤلمة ومؤثرة، مهما كان حجمها، سواء كانت باطنية كالزلازل والبراكين أو سطحية كالأعاصير والفيضانات وما شابهها، وتداعياتها ستخلّف مآسي وآلامًا لا تمحوها سنوات؛ لأنها تهز العقول وتكسر القلوب من هول الصدمات الخارجة عن إرادة البشر.
والأحداث الأخيرة التي أعقبت كارثة زلزال شمال سوريا وجنوب تركيا في ٦ فبراير الماضي، كما رأيناه، أودى بحياة أكثر من ٥٠ ألفًا، ودمّر آلاف الوحدات السكنية، وحكم على مئات العمارات بحكم الإعدام فانهارت كالطحين الذي نخلته آلاف الهزات الارتدادية التي لم يستطع أحد منعها، ولا درأ خطرها، فلا يؤلمك حينها إلا صراخ الأرامل والشيوخ، ودموع النساء والأطفال، ومن خلفها نداءات الاستغاثة من فوق أو تحت الأنقاض في مشاهد مؤلمة نراها عبر الشاشات تقشعر منها الأبدان.
ساعات سريعة تمر لمَن هم فوق الركام لاستخراج الجثث وساعات بطيئة لمَن هم تحت الأنقاض ينشدون الحياة في منطقة أدمنت الزلازل، وفي الوقت نفسه لم تلتزم بمعايير السلامة، ولا بأدنى لوائح البناء المقاومة للزلازل، ونحن بداية نؤمن بالقضاء والقدر، وإلا فمهما كان الزلزال عنيفًا فهو ليس بكافٍ لهدم مبانٍ حديثة، بدليل أن بعضها ما زال قائمًا بين ركام أخرى منهارة، وفي اليابان بلاد الزلازل مثلًا ابتكروا تقنيات جديدة في مجال البناء، ساعدت هناك على سلامة عمارات شاهقة ومكتظة بالسكان لمثل حالات تلك الكوارث.
وبطبيعة الحال، فإن الهيئات الإنسانية في مثل هذه الحالات استجابت لنداءات الاستغاثة؛ رغبة في التخفيف من معاناة المتضررين من تلك المأساة الكبيرة، وبشهادة منظمات جميع الدول كانت الاستجابة الأسرع والأكبر هي القادمة من دول الخليج العربي، ولا جديد.. فقد كانت المملكة في مقدمة الدول التي سارعت بمد يد العون كعادتها، وكان لإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة عام ٢٠١٥م دور كبير في كشف وجه المملكة الحقيقي، والمعبّر عن تقديم الإعانات والمساعدات لهم، وكما هي لمعظم شعوب العالم دون مِنَّة أو أذى، ودون النظر لجنس أو لون، وقدّمت ما يفوق حصَّتها التي فرضتها الجمعية العامة للأمم المتحدة.
والمملكة العربية السعودية، منذ تأسيسها قبل قرون ثلاثة، وسياستها ثابتة لم تتغيّر، خاصة مع الدول الصديقة والقريبة، وظلت رائدة العالم الإسلامي كما هي قبلة الباحثين عن السلامة والإسلام، تجسيدًا لأكرم دين وأعظم عقيدة خُتمت على أرضها وتحت سمائها.
@yan1433