اليوم السبت الموافق (11) مارس من عام (2023م) تختتم فعاليات معرض الشرقية للكتاب. وهذا هو المعرض الأول من نوعه وسعته الذي يقام في المنطقة. وهو حلم ظل لسنوات يراود الكثير من الكتاب والمؤلفين والمثقفين ومحبي القراءة في المنطقة الشرقية. وبحق بعد طول انتظار جاءت عاقبة الصبر خيرا وبهاء. والمعرض انطلق تحت شعار «معرض - ثقافة - حضارة - فن»، في مركز معارض الظهران للمؤتمرات والفعاليات (إكسبو)، خلال الفترة من (2) إلى (11) مارس الحالي. وقد تواجد في المعرض أكثر من (500) ناشر ما بين محلي وعربي ودولي، موزعين على ما يقارب من (350) جناحا.
ومن المؤكد أن ركن الطفل وكذلك الفعاليات الخاصة بالأطفال هي فكرة دائما مميزة لأنها ترغبهم في الكتاب والقراءة، وترسخ لديهم تلك الظاهرة المهمة للعقل والتفكير، وسيكون لها الأثر البالغ مستقبلا في تعويدهم على القراءة والعلم والبحث، وكذلك تجعل فكرة الكتب الورقية حية وحاضرة دوما مع الصراع المتواصل بينها وبين التقنية الحديثة من ألعاب إلكترونية وأجهزة ذكية وبرامج تطبيقية متنوعة.
ومن المشاهد والملموس من خلال هذا المعرض أن الكتاب الورقي ما زال عليه إقبال من فئات مختلفة من الناس. وهذا يؤكد أنه سيصمد مدة أطول من المتوقع! وهو يشبه فكرة من زعم أن التلفاز سيسحب البساط من المذياع (الراديو)، وأن مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب ستسدد الضربة القاضية للتلفاز، ولكنه ما زال صامدا وبقوة.
وعودا على الكتاب وأجوائه، فهو بلا أدنى شك يشحذ الهمم ويؤنس القارئ، ويمتع النفس، ويرتقي بالفكر. وهو خير صديق، وأقرب صاحب وساحب. وقد قال أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ عنه: «الكتاب نعم الذخر والعقدة، ونعم الأنيس ساعة الوحدة، ونعم القرين والدخيل، والوزير والنزيل، والكتاب وعاء ملئ علما، وظرف حشي ظرفا، إن شئت كان أبين من سحبان وائل، وإن شئت كان أعيا من باقل، إن شئت ضحكت من نوادره، وعجبت من غرائب فوائده. ولا أعلم جارا أبر، ولا خليطا أنصف، ولا رفيقا أطوع، ولا معلما أخضع، ولا صاحبا أظهر كفاية، ولا أقل خيانة، ولا أكثر أعجوبة وتصرفا، ولا أقل صلفا وتكلفا من كتاب».
وأما عباس محمود العقاد فحين سئل لماذا تقرأ؟ فأجاب: «كلا، لست أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى القراءة لازداد عمرا في تقدير الحساب، وإنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني، ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة».
ويذكر عن الخليفة المأمون أنه حين نظر إلى بعض ولده وهو ينظر في كتاب، قال له: يا بني، ما كتابك هذا؟ قال: بعض ما يشحذ الفطنة، ويؤنس من الوحشة، فقال: الحمد لله الذي رزقني ذرية يرى بعين عقله أكثر مما يرى بعين وجهه.
وفي نفس هذا السياق لعلي أؤكد لنفسي وللكتاب ولمحبي القراءة أنه لا غنى أبدا عن المواظبة على القراءة في كل وقت وحين، ولا يمنع الواحد منا حتى لو مر بفترة فتور أن يقرأ لو بضع صفحات في اليوم، ولكن لا يهجر القراءة والكتب البتة. وإليكم ما قاله الكاتب المبدع أحمد حسن الزيات في كتابه ((دفاعا عن البلاغة)): «ولقد علمت أن الجاحظ والبديع والخوارزمي في الكتاب، وأبا نواس وأبا تمام وأبا العلاء في الشعراء، كانوا مضرب المثل في كثرة القراءة، وكان فلوبير (روائي فرنسي شهير) لا يقع في يده كتاب إلا استوعبه».
ومعارض الكتاب هي حدائق وبساتين، والعقلاء يقطفون من ثمارها، وينعمون بظلالها.
abdullaghannam@