يُوصف بأنه أكبر انهيار لبنك أمريكي منذ الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت العالم عام 2008. لم يتحمّل بنك سيليكون فالي، صاحب المرتبة الـ16 بين أكبر البنوك في الولايات المتحدة، ما مرَّ به من أزمات على وقع ارتفاع أسعار الفائدة في البلاد، ما اضطره لدخول دوامة من بيع أصوله حتى أفلس.
ورغم أن البنك كان يحتكم على إجمالي أصول بنهاية ديسمبر الماضي تقدر بنحو 209 مليارات دولار، إضافة إلى ودائع بقيمة 175.4 مليار أخرى، فإن ذلك لم يكن كافيًا لحمايته من الانهيار.
الحكومة الأمريكية: قلقون من تبعات انهيار البنك
على لسان وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، عبرت حكومة الولايات المتحدة عن قلقها من انهيار بنك سيليكون فالي، إذ قالت الوزيرة أمس الجمعة: عندما تتعرض البنوك لخسائر مالية، فإن الأمر يجب أن يكون مصدر قلق.
كما أكَّدت أن الوزارة تابعت عن كثب التطوّرات الأخيرة والمستمرة بخصوص البنك المفلس، وتولِّي الحكومة هذا الشأن عناية شديدة.
جاء هذا بعد أن عزمت "SVB" -وهي الشركة الأم لـ"Silicon Valley Bank Financial"- أخيرًا على دخولها في محادثات الأربعاء الماضي لبيع نفسها، وفق ما تنقله مصادر مطلعة لشبكة "سي إن بي سي"، المتخصصة في الشأن الاقتصادي، ما انتهى بهروب المودعين خوفًا على أموالهم من إفلاس البنك، لتغلقه إدارة الحماية المالية والابتكار في كاليفورنيا، وتنقل مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية FDIC، الودائع المؤمنة إلى بنك سانتا كلارا الوطني، تمهيدًا لإعطائها لأصحابها بموعد أقصاه الإثنين المقبل، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية.
كيف انهار بنك سيليكون فالي؟
تنقل وكالة رويترز أن أحد أهم أسباب تعسّر البنك في البداية كان رفع أسعار الفائدة العام الماضي، ما أثر بالسلب في الشركات الناشئة، التي كان البنك يعتمد بشكل كبير على إقراضها.
وبينما كان يحاول البنك زيادة رأس المال لتعويض الودائع الهاربة، خسر 1.8 مليار دولار على سندات الخزانة التي ضاعت قيمتها بسبب أسعار الفائدة أيضًا.
ومع إعلان البنك الأربعاء الماضي عزمه بيع أسهم بقيمة 2.25 مليار دولار لتعويض خسائره، انتشر الذعر بين المتعاملين مع البنك من أفراد وشركات، فسارعوا لسحب أموالهم خوفًا من تعثّر البنك وضياعها.
وبعد فشل بنك سيليكون فالي في جمع التمويل اللازم لإنقاذه، هبط سهم SVB بنسبة 60% يوم الخميس، كما انخفض السهم بنسبة 60% أخرى في تعاملات ما قبل السوق أمس الجمعة، ما دفع السلطات التنظيمية لتعليق التداول عليه.
مؤشرات بورصة وول ستريت تغلق على تراجع https://t.co/s7JyMsr1D2 #اقتصاد_اليوم— اقتصاد اليوم (@alyaum_eco) March 11, 2023
عدوى انهيار المصارف
تأتي أزمة مصرف "سيليكون فالي بنك" إثر انهيار مصرف "سيلفرغيت كابيتال كورب" وهو مُقرض رئيسي في سوق العملات المشفّرة، ومقرّه كاليفورنيا أيضًا، غير أن الثاني تعرَّض لانهيار بطيء منذ العام الماضي مع أزمة الانهيارات في قطاع العملات المشفرة.
وبحسب ما تنقله صحيفة "إندبندنت" فإن خسارة طالت البنوك الأربعة الكبرى في الولايات المتّحدة، الخميس الماضي، بفقد 52 مليار دولار من قيمتها السوقية مع انهيار أسهم المصارف.
إذ فقد بنك "جيه بي مورجان" 32 مليار دولار من قيمته السوقية نتيجة انخفاض أسهمه في السوق، بينما فقد "بنك أوف أمريكا" قرابة الـ16 مليار من قيمته السوقية. وانخفض رأس المال السوقي لشركة "ويلز فارجو" المالية 10 مليارات دولار، أما بنك "سيتي جروب" فخسر نحو أربعة مليارات دولار من قيمته السوقية.
وبحسب شركة "فيدرال ديبوزيت إنشورانس"، فإن القطاع المصرفي الأمريكي معرّض لخسائر بقيمة 600 مليار دولار، بحساب الفارق بين قيمة موجوداتها من سندات الخزانة حاليًا والقيمة التي اشترتها بها قبل سنوات عندما كانت أسعار الفائدة صفرًا والعائد على السندات منخفضًا جدًا.
تصحيح بخسارة مؤقتة
على الرغم مما تعانيه البنوك الأمريكية من أزمات مالية بسبب الهبوط الهائل في أسهم قطاع المصارف، فإن بعض المحللين يعتقدون أن ما يجري هو تصحيح للأوضاع، ولن ينتهي بانهيار تام للقطاع المالي.
وبحسب ما تنقله وكالة بلومبيرج، فإن البنوك ستضطر في الأيام المقبلة إلى التنافس بقوة أكبر لتقديم معدّلات فائدة أعلى للمدّخرين، وهو ما سيقوِّض مكاسب البنوك من عمليات الإقراض ويقلّل من أرباحها، ما سيجعلها أكثر عُرضة للخطر، لكنها ستتخطَّى الأزمة في النهاية.
ومع ذلك، يتوقَّع مراقبون أن يستمر التدهور في قطاع المصارف حال استمرار المركزي الأمريكي "بنك الاحتياطي الفيدرالي" في رفع سعر الفائدة، ما يضع مزيدًا من الضغوطات على أسهم البنوك ويعرضها لمواقف صعبة.