في الأسبوع الماضي تم الاحتفال بيوم المرأة العالمي، والذي لم يمر بشكل اعتيادي في المملكة، وكان مليئاً بالاحتفاء والاعتزاز بإنجازات المرأة السعودية في شتى المجالات، خاصة منذ الإعلان عن رؤية المملكة وبرامجها، التي ساهمت في تسارع الخطوات لتمكين المرأة السعودية وتميزها، وفي هذا المقال سأتطرق لأهم المؤشرات التي وصلنا لها فيما يخص المرأة السعودية ومساهمتها في سوق العمل.
في الغالب يتم الحُكم على سوق العمل من خلال مراقبة معدل البطالة بشكل منفرد، ويعتقد البعض أن مؤشر نجاح توظيف المرأة مرتبط فقط بمعدل البطالة للإناث، وشخصياً أرى أن هناك مؤشرات عديدة تعكس القفزات النوعية التي حققتها المملكة في هذا الجانب، حيث بلغ معدل المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات ٣٧٪ بالربع الثالث لعام ٢٠٢٢م بعد أن كان ما يقارب ١٧٪ في عام ٢٠١٧م، وتضاعفت حصة المرأة في سوق العمل «من القوى العاملة» إلى ما يقارب ٣٤.٧٪ للربع الثالث لعام ٢٠٢٢م متجاوزاً مستهدف الرؤية لعام ٢٠٣٠م، والذي كان بالوصول إلى ٣٠٪، وتجاوزت نسبة النساء في المناصب الإدارية المتوسطة والعليا ٤١.١٪ خلال الربع الثالث لعام ٢٠٢٢م في إنجاز غير متوقع خلال مدة قصيرة.
تجاوزنا تحديات عديدة، وفي وقت قياسي، وتلك المؤشرات ما هي إلا دليل واضح على التطور الملحوظ في نجاح المرأة السعودية بالمشاركة بفاعلية في سوق العمل، بالإضافة لنجاح الجهود والإصلاحات التشريعية، التي تمت خلال السنوات الأخيرة، بقيادة وزارة الموارد البشرية فيما يخص توظيف المرأة في سوق العمل، والتي يمكن تلخيصها في ٣ عوامل، أولا: «الإصلاحات، التي تمت فيما يخص المساواة بين الجنسين خلال الفترة الماضية لتمكين المرأة»، ثانيا: «إعادة النظر في التنظيمات التي كانت عائقاً لبيئة عمل المرأة بالإضافة لتوسيع أنماط العمل»، وثالثا: «برنامج دعم التوظيف من صندوق الموارد البشرية، والذي ساعد الكثير من المنشآت على توظيف العنصر النسائي».
جهد كبير تُشكر عليه وزارة الموارد البشرية على اهتمامها الكبير الواضح في هذا الملف، خاصة في الحملات الإعلامية التي تقوم عليها إدارة الإعلام في الوزارة، وتوضيح أمور عديدة تخص بيئة عمل المرأة، مما جعل الأمور واضحة لجميع أطراف سوق العمل، وشكر لجميع المنشآت التي ساهمت في تحقيق تلك المؤشرات، واحتفت بيوم المرأة، وعكست إبداعاتها للمجتمع، وشكر لا يقل عما قبله للمرأة السعودية التي أثبتت نفسها في كثير من المجالات، وساهمت اقتصادياً بشكل واضح في النقلة النوعية التي يشهدها الاقتصاد السعودي.
كوجهة نظر شخصية، أرى أن المرحلة الحالية هي مرحلة للمحافظة على المستويات التي وصلنا لها بالوقت الحالي، بالإضافة لتكثيف الجهود لتحسين معدلات بعض تلك المؤشرات، خاصة فيما يخص حديثات التخرج، ومن المقترحات التي تدعم ذلك هو وجود برنامج لدعم العنصر النسائي في فترات التدريب التعاوني «متطلبات ما قبل الانتقال لسوق العمل»، وربط استمرار هذا الدعم باشتراط توظيفهن بعد التخرج في نفس المنشأة، والعمل على برامج لزيادة مشاركة المرأة السعودية في القطاعات الحيوية وبشكل أكبر من السابق.
ختاما.. كمختص في الموارد البشرية أرى أهمية لعدم الاندفاع بأي تعديلات تزيد من تكلفة توظيف المرأة، حتى لا ينعكس ذلك سلباً، ولذلك أتمنى من المسؤولين التريث لأن تقليص المزايا في نظام العمل ليس بالأمر السهل مستقبلاً، وليس كما هو معتاد عليه عند منح مزايا بشكل أعلى.