قالت مجلة "بوليتيكو"، إن أوديسا الأوكرانية تمثل نموذجًا واضحًا لتراجع النفوذ الروسي حتى بين الذين كانوا يدعمون إقامة علاقات وثيقة مع موسكو.
وبحسب مقال لـ"ديفيد كريشينكو"، صاغ الغزو الروسي لأوكرانيا إحساسًا جديدًا بالقومية، مما يشير إلى تغيير ملحوظ في "حروب الذاكرة" التي خاضتها البلاد منذ فترة طويلة.
فقدان النفوذ
وتابع يقول، أدت الهجمات الروسية على المدن الأوكرانية إلى تنفير حتى أولئك الذين دعموا في السابق علاقات أوثق مع موسكو، وحتى أوديسا، وهي مدينة ذات نظرة مؤيدة لروسيا تاريخيا، احتضنت الحركة نحو "الأوكرنة"، مما زاد من فقدان نفوذ الإمبريالية الروسية بالمدينة.
وأردف: "لعبت أوديسا، وهي مدينة تأسست عام 1794 على أيدي الإمبراطورة الروسية كاترين العظمى، دورًا استراتيجيًا في الإمبراطورية الروسية ثم في الاتحاد السوفيتي لاحقًا".
4 أطفال يُقتلون أو يُصابون يوميًا في حرب #أوكرانيا https://t.co/OyjL8eEouS #اليوم pic.twitter.com/g83sUn5EXi— صحيفة اليوم (@alyaum) February 21, 2023
تمثال كاترين العظيمة
أضاف المقال: "لطالما اشتهرت المدينة بتنوعها الثقافي، ولا تزال الهندسة المعمارية المتأثرة بالبحر الأبيض المتوسط قائمة حتى اليوم، ولا تزال كاترين العظيمة شخصية بارزة في تاريخ أوديسا، وترمز إلى أهمية المدينة داخل الإمبراطورية الروسية".
ومضى يقول: "نصب تمثال كاترين العظيمة لأول مرة في قلب أوديسا في عام 1900، ليفكك فقط في عام 1920 في ظل السوفييت، إذ أرادت الحكومة الجديدة تدمير تراث النظام القيصري القديم، بعد ذلك، في عام 2007، كشف عن تمثال جديد لتكريم حكم كاترين، مما أثار بدوره جدلًا مثيرًا للجدل حول تاريخ أوكرانيا في أعقاب الثورة البرتقالية المؤيدة للغرب عام 2004".
حروب الذاكرة
استطرد المقال: "بينما كانت حكومة الرئيس فيكتور يوشينكو تعمل على تكريم شخصيات الاستقلال الأوكراني، اعتُبر قرار أوديسا بنصب التمثال احتجاجًا على ابتعاد كييف عن روسيا واحتفالًا بالماضي الإمبراطوري الروسي للمدينة".
وأردف: "لكن خلال حروب الذاكرة المستمرة منذ الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا العام الماضي، أظهرت أوديسا تغييرًا كبيرًا في دعمها السابق لروسيا وإرثها الإمبراطوري".
تغير المواقف
أضاف المقال: "بينما يحاول الأوكرانيون العمل على التوفيق بين تاريخهم وإزالة بقايا الاستعمار الروسي، تحاول روسيا بنشاط محو كل آثار الهوية الأوكرانية على الأراضي التي تحتلها روسيا".
وتابع: "على سبيل المثال، كان أحد الإجراءات الأولى التي اتخذتها قوات موسكو في المدن والبلدات المحتلة هو تغيير اللافتات إلى الروسية، وإعادة النصب التذكارية لزعماء مثل لينين وتسمية العديد من الشوارع باسم القادة السوفييت، كما أحرقوا كتب التاريخ الأوكرانية ودمروا المحفوظات التي توثق القمع السوفيتي وأجبروا المعلمين على التدريس باللغة الروسية".
وأشار إلى أنه في مواجهة هذا العنف، تغيرت مواقف العديد من الأوديسيين، وتحول الرأي العام نحو إزالة تمثال كاترين أيضًا، حيث خٌرب النصب التذكاري عدة مرات.
وأردف: "في سبتمبر، لم يكن مجلس مدينة أوديسا قد اتخذ قراره بشأن النصب التذكاري، ولكن في أواخر نوفمبر، صوّت المجلس على تفكيكه ونقله مؤقتًا إلى متحف محلي".
جوزيب بوريل: #روسيا تحاول تحويل المعركة مع #أوكرانيا إلى حرب أشمل مع الغرب#اليوم pic.twitter.com/meDIGB3Wr5— صحيفة اليوم (@alyaum) February 19, 2023
تنشيط الهوية
ولفت المقال إلى أن رئيس بلدية المدينة هينادي تروخانوف كان في البداية ضد القرار، لكنه صوت لصالح إزالة التمثال بسبب التغيير الملحوظ في المشاعر العامة.
وختامًا نوه بأن هذا الإجراء الرمزي، الذي اتخذ في معقل موالي لروسيا سابقًا مثل أوديسا، هو دليل واضح على أن الهوية الأوكرانية نشطت، وأن قبضة الإمبريالية الروسية تضعف.