أكاد أجزم بأن 95% من محلات غسيل الملابس تقع تحت طائلة التستر، فجميع العاملين من الألف إلى الياء من العمالة، ولا يوجد سعودي واحد يدير العملية نهائيًّا (كمشرف)، ولو افترضنا وجوده من بعيد، فهو لا يعلم ماذا يدور داخل المحل من ناحية الكميات، وحجم العمل، بمعنى أن العامل لو قال للمالك: مائتا ريال فقط يوميًّا حجم المبيعات فلن يستطيع أن يكذب أو يصدق؛ لأنه لا يعلم ماذا يدور بالداخل؟ أغلب العمالة في تلك المحلات يفتحون من الساعة السادسة صباحًا ويغلقون عند الساعة الثانية عشرة أو الواحدة ليلًا متواصلة دون انقطاع، وبحماس منقطع النظير؛ مما يعزز أنهم أصحاب المحل الحقيقيون ـ فمن غير المنطق أن تجد موظفًا يعمل طوال تلك المدة الطويلة، وبهذا الجهد المضني لأجل الراتب فقط!!
حجم العمل في تلك المغاسل كبير جدًّا، وبالذات بعد خروج المرأة للعمل، بحيث أصبحت لا تستطيع التوفيق بين أعمالها المنزلية والوظيفية؛ مما أدى إلى اعتماد الأسر على تلك المغاسل، وبالتالي تضاعفت أحجام العمل، وازدادت المداخيل بشكل لا يُصدّق، والدليل على النجاح الكبير أن أعداد تلك المغاسل تضاعفت مئات المرات، بحيث أصبح الشارع الصغير داخل الحي يضم عشرات المحلات، فما بالك بكامل الحي، وجميعها تحقق أرباحًا خيالية.
يجب ألا نستهين بالمبالغ التي ندفعها لتكلفة غسيل القطعة الواحدة (ريالين أو ثلاثة)؛ لأنك لو جمعت عدد القطع التي منك ومن غيرك فستجد في نهاية اليوم مبالغ تتجاوز الألف ريال، بمعنى أنك تتحدث عن ثلاثين ألف ريال شهريًّا على الأقل، وتستطيع ضرب هذا المبلغ في عدد المغاسل في الحي الواحد التي تتجاوز عشرين أو ثلاثين؛ ليتضح معك المبلغ الذي لا يُصدّق، وبالتالي أعداد المغاسل في مدينة واحدة؛ لتكتشف معه أن العمالة تحقق مليارات سنويًّا من هذا العمل الذي يقع تحت طائلة التستر.
محلات النظافة (مناديل ومواد نظافة ومعقمات وبلاستيك وغيرها) هذه ليست بعيدة عن المغاسل من ناحية التستر الواضح الذي لا يحتاج اكتشافًا، بل إنها أخطر؛ لأن حجم العمل والأموال فيها أكبر، أغلب مَن يدير ويتصرّف بهذا النشاط من العمالة الآسيوية التي تتحكّم بهذا السوق الضخم بشكل كامل، ويكفي زيارة واحدة لتعرف أنهم أصحاب العمل الحقيقيون، لا أملك معلومة موثقة عن حجم المبالغ التي يتم تحريكها في هذا النشاط، ولكن أتوقع أنها لا تقل عن خمسة عشر مليار ريال على أقل تقدير.
المؤسف أن العمالة تتحكّم ببعض الأنشطة المهمة التي تحقق أرباحًا ومداخيل تكفي للقضاء على البطالة لدينا بلا رجعة.