على طول عمر الشعر العربي عُرفت الغربة بأنها باعث الإبداع ومحرك قلم الشعراء بفيوض المشاعر ناحية ما يتشوقون له من وطن وناس وذكريات صنعت في زمانهم ومكانهم السابق، أضف لذلك ما تمنحه الغربة لشخصية الشاعر وعقليته من خبرات تساعده في نسج القصائد وتصقل موهبته.
الأمران اللذان اتضحا في الشخصية الشعرية للأمير بدر بن عبدالمحسن، فعلى مدار سنوات من أسفاره خارج المملكة وتنقله بين البلدان، استطاع خلق موهبة فريدة في كتابة الشعر حتى حجز بها مكانه بين كبار الشعراء الذين أثروا هذا الفن من الكلام بما كتبوه.
تنقلات داخل المملكة
عاش الأمير بدر بن عبدالمحسن، الغربة منذ طفولته، حين كان لا يزال وعيه يتشكل وذكرياته الأولى تُصنع، فتنقل بين مدن المملكة وهو صغير، قبل أن يتحول إلى السفر لخارج الأوطان في صغره وشبابه.
قيل لي في يوم ما أن الشعر لا خير ولا مجد يرتجى منه.. وهاهي الأيام تثبت عكس ذلك.#قصيدة_الوشاح هي مشاعري الصادقة كمواطن أفنى عمره في تمجيد وطنه ونال أسمى التقدير من مليكه -أيده الله- وقيادته وأبناء وطنه. pic.twitter.com/TnzxtM2T6f— بدر بن عبدالمحسن (@albadr) July 18, 2019
يقول الأمير في تصريحات سابقة له، أن تنقله بدء قبل أن يصل سن العاشرة، فسافر داخل المملكة، من الرياض إلى مكة، وعاش بها سنة كاملة، ثم منها إلى جدة التي استقر بها قبل أن يقرر والده إرساله إلى مصر لاستكمال تعليمه وهو ابن 10 سنوات، وهو ما أثر بشكل كبير في موهبته فأجرى قلمه بالكتابة بداية ثم أصقل شعره بعد ذلك.
الغربة الأولى.. اكتشاف الموهبة
كان انتقال الأمير بدر بن عبدالمحسن من وطنه السعودية، إلى مصر مع أخيه وهما لا يزالان في مرحلة الطفولة، شاقًا عليهما، فهما ابني 10 و11 سنة، وجدا أنفسهما بعيدين عن بلادهما وكل من يعرفان.
وخلال السنة الأولى من العيش بالإسكندرية، أحس الأمير بدر بحنين شديد إلى المملكة وذكرياته بها، خاصة مع جدته التي ربته.
آه ما أرق الرياض تالي الليل
أنا لو أبي
خذتها بيدها.. ومشينا pic.twitter.com/8ER8wNzhYp— بدر بن عبدالمحسن (@albadr) September 12, 2020
يذكر الأمير تأثره بالشعور المرافق له طول تلك السنة، حتى أنه كان يحلم كل ليلة بجدته تزوره في منامه، الأمر الذي أجج الإحساس بصدره وأنطق قلمه بالإبداع، وظهر ذلك في سنته الثانية من الدراسة في مصر، حين اكتشفت إحدى مُدرساته موهبته في الكتابة، فحفزته بقولها "ستكون كاتبًا يومًا".
يقول الأمير الشاعر: "أثرت تلك الكلمة في نفسي، وجعلت الكتابة هاجسًا لي بشكل أو بآخر، فكانت حافزًا لي على خلق قصائدي فيما بعد".
إضافة لذلك فحين عاد الأمير لمصر مرة أخرى، كان بدء مشواره الفني، واحتك بعدد من الأدباء والمفكرين والفنانين، منهم الشاعر أحمد رامي ومحمد عبد الوهاب ومحمد الموجي وعبد الحليم حافظ وغيرهم، ما ساعده على الرقي بموهبته الشعرية أكثر مما هي عليه بالفعل.
الأمير بدر بن عبد المحسن يوقع «الأعمال الشعرية» في معرض الرياض https://t.co/WKoFyiQIdB #اليوم#معرض_الرياض_الدولي_للكتاب_2022 pic.twitter.com/D9Z62lc4nO— صحيفة اليوم (@alyaum) October 1, 2022
بريطانيا ولبنان.. رحلة إصقال موهبة البدر
بعد انتهاء دراسته بالمرحلة الإعدادية في مصر، عاد الأمير بدر بن عبدالمحسن إلى المملكة ليتم ثانويته بها، ومنها انتقل إلى بريطانيا التي أكمل تعليمه بها هي الأخرى.
وخلال تلك الفترة التي قضاها في بريطانيا تقرب من لبنان، إذ كان مطار بيروت هو الوسيط بين المملكة وبريطانيا في حين لم يكن يوجد طيران مباشر بين البلدين بشكل كاف وقتها، كما كان يقضي إجازته الصيفية بلبنان.
تلك الرحلات قربته بشكل أكبر من الجو الموسيقي وأكسبته حبًا له، ففي وقت إقامته في لبنان كان يستمع بكثرة لفيروز التي تغني لعاصي الرحباني، وكان يزيد ذلك حماسه لرفع مستوى قصائدة إلى أفضل مما تصدح به فيروز.
ومن بعد بريطانيا سافر الأمير الشاعر لعدد من البلدان حول العالم وتضمنت الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما، ما أكسبه مزيدًا من الخبرات والموهبة، حتى أنه قال في لقاء تلفزيوني سابق: "أشعر وأنا في منتصف عمري بأني عشت تسعين سنة مما رأيت في حياتي".