عبارة لها طعم السخرية والاستصغار، ونشمّ منها وصف التافه من الأمور، مع أن تلك الفاكهة اشتهرت في الشرق عامة وأحبها العرب، وصادف نضوجها حرارة القيظ، والحصول عليها لا يكلّف الكثير بذرًا وإنباتًا وجنيًا واستهلاكًا.
لا أعرف أسماء أعطاها الناس في الوطن العربي لفاكهة أكثر مما مُنح للبطيخ. فهو «شمام» و«خربز» و«جرو»، الأخيرة ممجوجة، ويُطلقها بعض عامة القصيم على الشمام.
ولو تمعّنا لوجدنا أن البلاد الصحراوية قيّض الله لها نوعًا من الفاكهة الصيفية، تنمو في الصيف بأجوائه الحارة، ويقتل بها الناس القيظ، ألا وهو البطيخ. ولأسباب بيئية ومناخية تقل تلك الفاكهة في الشتاء لكون الجسم البشري يميل إلى السوائل الحارة. إلا أننا نُلاحظ في أعوامنا الأخيرة وجود البطيخ في الأسواق في أربعينية الشتاء القارس.
ولا تزال أنواع الأكلات مختلفة الأسماء في بلادنا. إلا أنني وجدتُ أن «الكبسة» تكاد تكون عامة، رغم حداثة ورود الرز إلى جزيرتنا العربية. والدليل على رواج المسمى وإلحاقه بالسعوديين وجود الكبسة في قوائم الطعام في المطاعم اللندنية، التي تجتذب العرب.
وشخصيًّا أنا مقتنع بأن الوجبة حديثة، ولم تشتهر إلا بواسطة المسافرين والسوّاق الذين كانوا يريدون توفير الوقت، ولا يريدون تجزئة الطبخ وإعطاء كل جزء منه نصيبه من الحرارة.
قال شاعر يحُث مرساله على سرعة قطع المسافة، وعدم التريّث للطبخ والنفخ:
مرّوا «مرات» وطرّقوها مسيمين.
عشاكم الليلة مثل شغل الأشوام.
وقصده اجعلوا العشاء خفايف، تتناولونها وأنتم سائرون (مثل شغل الأشوام) أعالى الشام الذين عُرفوا بصبرهم على المسافات الصحراوية والعمل على توفير الوقت لقطعها.
وبعض مناطق الخليج لا يزالون يسمّون الرز «عيش»، وفي رأيي أنه أصدق تسمية؛ لأنه أصبح في السنين الأخيرة «عيشة» الناس.
المرقوق يحتاج إلى دقة و«حوف» وكذا الجريش والمطازيز والقرصان، فيحتاج إلى «معايرات البهار وقياس الماء والبُعد والقرب من النار (بعبارة العصر على نار واطنية).
أما الكبسة فهي كما تقول العامة «شغْل عْجِلِهْ».
وصفات أكلنا مع ذلك أصبحت ضمن قوائم أطعمة كبار المطاعم في الغرب.
سمعتُ مقدّمة برنامج غذائي من غير ساكني السعودية تصف نوعًا من التمور عندنا فتقول: «ساجاي»، ربما أرادت «الصقعي»!