يواجه رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، في اللحظة الراهنة معضلة حول ما إذا كان سيستمر في رفع أسعار الفائدة لتهدئة التضخم أو يتوقف مؤقتًا حتى تنزاح غمامة الأزمة المصرفية الأمريكية بشكل أساسي، والتي أثارها انهيار مصرفي "سيليكون فالي بنك" و"سيجنيتشر"، وفق ما ذكرت صحيفة "إل باييس" الإسبانية بنسختها الإنجليزية، في تقرير ترجمت صحيفة "اليوم" أبرز ما جاء فيه.
توقعات رفع "الفيدرالي" لسعر الفائدة
يتوقع معظم المحللين أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة للمرة التاسعة على التوالي بربع نقطة مئوية، وصولاً إلى النطاق 5٪.
وقبل الأزمة المصرفية التي أشعلها انهيار "سيليكون فالي" بسبب أزمة الودائع، كان باول يناقش ما إذا ما كان سيرفع أسعار الفائدة بمقدار ربع أو نصف نقطة مئوية (25 أو 50 نقطة أساس)، لكن الحوار اتخذ منحنى مختلف بعد الأزمة.
وما يزال التضخم يمثل مشكلة كبيرة للاقتصاد الأمريكي، حيث انخفض في الأشهر السبعة الماضية، لكنه ظل عند 6٪ خلال فبراير الماضي، وهي نسبة أعلى بكثير من هدف 2٪ التي يريد الاحتياطي الفيدرالي الوصول إليها. علاوة على ذلك، يظل معدل التضخم الأساسي (5.5٪) مرتفعًا جدًا أيضًا.
تقليص التشديد النقدي
خفف بنك الاحتياطي الفيدرالي بالفعل وتيرة التشديد النقدي في اجتماعه الأخير بأوائل فبراير، عندما أعطى الضوء الأخضر لزيادة بنسبة 0.25% بعد زيادات قدرها 0.75، و0.50.
وحذر البنك المركزي الأمريكي في ذلك الوقت من الحاجة إلى زيادات إضافية، ويعتقد المستثمرون أنه ستكون هناك زيادة مماثلة في مارس.
مع ذلك، بعد أرقام الوظائف المذهلة في يناير وإشارات إلى أن الطلب لم يهدأ، ظهر باول أمام الكونجرس وحذر من أن رفع أسعار الفائدة يمكن أن يستمر في الارتفاع مرة أخرى.
وفي أقل من عام، ارتفعت أسعار الفائدة الرسمية من ما يقرب من 0٪ إلى نطاق 4.5-4.75٪ ، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2007، ما يجعلها أكبر زيادة منذ أوائل الثمانينيات. وقد أدى هذا الارتفاع في أسعار الفائدة إلى الانتقاص من قيمة سندات الخزانة طويلة الأجل التي تمتلكها المؤسسات المالية في محافظها.
ويتوقع معظم المحللين ارتفاعًا بنسبة 0.25%، باتباع نفس السيناريو الذي اتبعه بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي، لكن بعض المحللين يتوقعون اتخاذ تشديدات إضافية اليوم الأربعاء.
وتراهن شركة "أكسفورد إيكونوميكس" الاقتصادية المعنية بالاستشارات، أيضًا على الارتفاع، حيث قالت: "أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أنه لن يخاطر بأن يستمر التضخم المرتفع لفترة أطول مما كان متوقعًا أو أن تستمر دوامة الأسعار والأجور، وهذا هو السبب في أننا نتوقع أن تقوم لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية ستستمر في رفع الفائدة. ومع ذلك، من المحتمل أن يناقش بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي وقف الزيادة في الاجتماعات المقبلة".
وقالت صحيفة يو إس إيه توداي الأمريكية، إنه لأول مرة في الذاكرة الحديثة، يجتمع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لإصدار قرار بشأن أسعار الفائدة في اجتماع يستمر ليومين، وسط أجواء مقلقة.
حول ذلك، تساءلت الصحيفة، عما كان الاحتياطي الفيدرالي سيدعم خطاب مكافحة التضخم ويرفع أسعار الفائدة مرة أخرى على الرغم من توابع انهيار "سيليكون فالي بنك"؟، أم أنه سيعطي الأولوية للاستقرار المالي خلال فترة عدم اليقين في النظام المصرفي؟
سعر الفائدة قصير الأجل
مع تخفيف الضغوط على الصناعة المالية إلى حد ما في الأيام الأخيرة، يتوقع معظم الاقتصاديين والمستثمرين أن يرفع البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي قصير الأجل بمقدار ربع نقطة مئوية، وهذا من شأنه أن يعطي إشارة إلى الاضطراب الأخير من خلال التراجع عن الزيادة البالغة نصف نقطة التي كانت الأسواق تتوقعها قبل الأزمة، مع إضافة درجة أخرى إلى حملة رفع أسعار الفائدة العنيفة التي يقوم بها بنك الاحتياطي الفيدرالي.
ختاماً، قال جريجوري داكو، كبير الاقتصاديين في إي واي- بارثينون :"رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي باول ومعظم صانعي السياسة لا يريدون أن يكون إرثهم هو الفشل في خفض التضخم إلى هدف 2٪".
لكن العديد من كبار المؤسسات الاقتصادية، بما في ذلك بوستجانسيك وجولدمان ساكس، يرون أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يتخذ المسار الأكثر حذراً.
ومن المتوقع أيضًا أن يصدر بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء توقعات جديدة للاقتصاد وسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، وبالتالي، على الرغم من أن البنك المركزي يمكن أن يبقي أسعار الفائدة ثابتة عند نطاق من 4.5٪ إلى 4.75٪، يعتقد بنك جولدمان ساكس أن المسؤولين سيشيرون إلى ثلاث زيادات أخرى في سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة بحلول يوليو إلى نطاق من 5.25٪ إلى 5.5٪. ويتوقع بنك باركليز أن يرفع الفيدرالي الفائدة إلى معدل 5٪ إلى 5.25٪.
معاناة سوقية أكبر
وذكرت صحيفة يو إس إيه توداي، أن الأسواق تعتقد أن الأزمة أسوأ مما تبدو عليه، وأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يفسد الأمر بزيادات أسعاره.
وتتوقع، أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة يوم الأربعاء ثم يتوقف مؤقتًا قبل خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات بدءًا من يوليو، ما يشير إلى أن مزيج الاضطرابات المصرفية وتباطؤ الاقتصاد ورفع أسعار الفائدة سيؤدي إلى حدوث ركود في غضون أشهر.