كما هو شأن بلادنا في الأخذ بكل ما هو مفيد في كافة المجالات ومواكبة المستجدات العلمية والتقنية وتوظيفها في تحقيق رؤية المملكة 2030، فقد اهتمت بالذكاء الصناعي الذي يمثل مصطلحًا يشمل كل التطبيقات التي تؤدي مهمات كانت تتطلب مدخلات بشرية ذات مستويات عالية من الكفاءات، وقد اتجه العالم، خاصة الشركات الكبرى إلى الاستثمار في هذا المجال وتطويره لأداء المهام التي يحتاج تنفيذها يدويًّا لكفاءة عالية، والمبدأ الرئيس الذي يقوم عليه الذكاء الاصطناعي هو محاكاة الطريقة التي يتعامل فيها البشر مع العالم من حولنا، وهو الأمر الذي أصبح الركيزة الأساسية للابتكار، وذلك بتوظيف ما يتطلبه هذا النوع من الذكاء من التعلّم الآلي الذي يتم من خلاله التعرّف على أنماط البيانات التي تساعد على التنبؤات التي يتم الاعتماد عليها لأتمتة المهام شديدة التعقيد، إضافة إلى المهام العادية أيضًا؛ مما يساعد في تحسين أداء المؤسسات وإنتاجها، حيث إن بإمكان الذكاء الاصطناعي فهم البيانات على مستوى أكثر مما يستطيع الإنسان العادي؛ مما يعود بنتائج كبيرة على مخرجات الأعمال، ومن ذلك زيادة عملاء معظم الشركات التي جعلت علوم البيانات في أولوياتها؛ لذلك نجد أن عدد الشركات التي تتبنّى الذكاء الاصطناعي في الوظائف يتزايد يومًا بعد يوم، وكذلك نجد نموًّا في أرباح هذه الشركات، كما أنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في الكشف عن الاختراقات الأمنية، وحل المشكلات التقنية للمستخدمين والحد من أعمال إدارة الإنتاج وقياس الامتثال الداخلي عند استخدامه من قِبَل الموردين المعتمدين، كما أنه من مزايا توظيفه أنه يتيح إمكانية عالية للحوسبة عالية الأداء بتكلفة أقل وبسهولة، كما أنه يوفر ميزة تنافسية خاصة، وهو يساعد على اتخاذ قرارات أفضل لإدارة الأعمال وبشكلٍ أسرع مما تتخذه الإمكانيات البشرية عادة.
من أجل ذلك كله، كانت المملكة سبَّاقة إلى هذا المجال، حيث أصبحت من أكثر الدول اهتمامًا بالذكاء الاصطناعي وتوظيفه، خاصة بعد أن أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، التي تُنسب إليها العديد من الإنجازات في فترة قصيرة، وكذلك تم إنشاء المركز الوطني للذكاء الاصطناعي، وعقد القمة العالمية للذكاء الاصطناعي برعاية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تحت عنوان (الذكاء الاصطناعي لخير البشرية)؛ مما يؤكد اهتمام سموه بالذكاء الاصطناعي، حيث أعلن أكثر من مرة أن المملكة تطمح لأن تكون من أفضل (5) دول في العالم في هذا النوع من الذكاء، وهي في سبيل ذلك تعمل بخُطى متسارعة على تنمية وتأهيل المواهب الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، وتشجع الابتكارات والاختراعات؛ مما يصدق معه القول إن المملكة تعتبر الذكاء الاصطناعي إستراتيجية حتمية، خاصة أنها تمكّن من إنجاز المهام في وقت أقل، كما أنه يسمح بالتنبؤ بنتائج الأعمال في وقتٍ مبكر، وهو ما تقصده المملكة تمامًا، حيث إنها تسابق الزمن في تحقيق الإنجازات والتطلعات من أجل غدٍ أفضل للمملكة والمنطقة والعالم «بإذن الله».