«يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» وما بعد «لعلكم» دليل على أن رمضان هو شهر التغيير الحقيقي، فالتقوى تغيير، ورمضان فرصة عظيمة لهذا التغيير؛ لأن النفوس فيه مهيَّأة، والأذهان أكثر صفاءً، فلم يعُد الوقت مزدحمًا بفضول الأمور من مأكولات ومشروبات وعلاقات ومشاهدات كما كان قبل رمضان، ولذلك نحن بحاجة لمراجعة المسيرة، والسعي للتغيير نحو الأفضل، وقد قالوا: نحن لا نموت حين تفارقنا الروح وحسب، نموت قبل ذلك حين تتشابه أيامنا، ونتوقف عن التغيير، حين لا يزداد شيء سوى أعمارنا وأوزاننا.
وقالوا: التغيير صعب في البداية، وفوضوي في المنتصف، ورائع في النهاية.
نحن في رمضان نتغيّر، ولذلك يجب أن نعرف أهمية هذا التغيير، فنتميّز به، ونستمر عليه.
المسؤول تغيَّر ويجب أن يتغيَّر، فيراجع خططه التطويرية السابقة، ويُعيد النظر في فريقه الذي يعمل معه حتى ينجح فيبقى ويستمر.
والأب تغيَّر فأصبح أكثر وقته في بيته، ولذلك يجب أن يستمر هذا التغيير بإعادة النظر في سياساته التربوية والزوجية، ومن ذلك معرفة أهمية بيته وشريكة حياته، ويعمل على القرب أكثر من أولاده، بتخصيص أكبر وقت ممكن لهم، فهم استثماره الحقيقي، وبيته أساس انطلاقته.
والطالب داوم في رمضان مع صعوبة البدايات، ولذلك فهو قادر على أن يبني الجدية لديه، ويهتم برقي فكره من خلال التعلّم، وهو الآن في مرحلة البناء، وستأتي مرحلة الإنتاج المبنية على ما سبقها، ولذلك لابد أن تكون مراحل التأسيس قوية وراسخة إن كان يريد نجاحًا حقيقيًّا لا مزيفًا.
كلنا في رمضان تغيّرنا، من خلال علاقتنا بالصيام، ولذلك نحن بحاجة لإعادة توازننا وصحتنا، ومن خلال علاقتنا بالقرآن، ولذلك يجب أن نستمر في تخصيص الوقت لكتاب الله، والاستمرار في التدبّر وفهم كلام الله، فنرقى بمهارات التفكير، فالقرآن «لقوم يعقلون»، وقد بدأنا إجباريًّا طوال النهار في التخلص من أمور سلبية في حياتنا، ولذلك يجب أن نُعيد النظر في أمور وعلاقات نخسر بسببها.
يجب أن نستثمر التغيير الرمضاني الفردي والمجتمعي؛ لأن شخصًا واحدًا عاقدًا العزم يمكن أن يقوم بعمل تغيير كبير، ومجموعة صغيرة من الأشخاص عاقدي العزم يمكنها أن تغيّر مسار التاريخ.