في مستهل مقالي هذا تذكرت مقطع الفيديو المتداول لأحد الأشقاء المصريين وهو يردد «في رمضان».. بصيغة تعجب واستغراب واستكبار لأمر لا يجوز أن يحدث في هذا الشهر الفضيل، رغم أني من أنصار قرار إعادة التعليم واستمرار الدراسة في شهر رمضان المبارك، إلا أن بدئي بذكر العبارة الشهيرة أعلاه كان تعليقا على ما يتداوله الطلاب والعاملون بسلك التعليم من «حلطمة» على هذا القرار.
ولستُ هنا ألومهم بصراحة، لأن التغيير دائما صعب ومرفوض في بداياته، لكن هذا القرار ليس استحداثا لأمر لم يكن موجودا أو اختراعا جديدا بالفعل! فأذكر أني درست طوال سنوات عمري وجميع مراحلي الدراسية في شهر رمضان المبارك، وبانتظام أيضا لأن الغياب من المحظورات لدى والدتي - أمد الله في عمرها ومتعها بالعافية - ولو كان الأمر كما كان في عهدي لاستمر التعليم في رمضان وكان أمرا طبيعيا جدا ولم يلقَ كل هذا الرفض والاستهجان الذي نشاهده حاليا، ولو علم هؤلاء الطلاب وغيرهم من الرافضين للقرار أني لا أكن الآن لكل هذا التعب الذي مررت به سابقا إلا الامتنان والتقدير، لأنه صنع مني إنسانة مسؤولة ومدركة لحقيقة الحياة وصعوباتها وأنها لا تجري كيفما نريد ولا يعني هذا أيضا سهولة رضوخنا لها والاستسلام، ولا نختلف بأن جيلنا العظيم الآن لو لم يتلق هذه الصعوبات في الطفولة والمراهقة لما استطاع قطع كل هذا الطريق الشائك بثبات واتزان والوصول إلى ما نحن عليه الآن بفضل الله.
من وجهة نظري أعتقد أن إعادة الدراسة في رمضان قرار صائب وعادي بالنسبة لي، بل مهم لهذا الجيل «المدلل» الذي أفسدناه بأنفسنا حقيقة ولم نعده ليكون جيلا يتحمل المشقة بالفعل، حيث غاب عن بال أغلب أولياء الأمور أن التعب والكبد من أساسيات الاستمرار في الحياة، وأن الدلال الزائد سيفضي بالإنسان إلى الضعف والهشاشة والتحطم النفسي أمام أول عثرة تواجهه في الحياة.
لا بأس إن غضب البعض مني أو من هذا القرار الآن، لكنني أكيدة من فائدته على المدى البعيد، ثم إن الحياة تتطلب التدريب على كافة المستويات، فلنعتبر هذا القرار تدريبا للنفس على التحمل والتعليم في آن معًا.
maiashaq@