في حادثة حريق بقيق، تحدث سعادة الرئيس وكبير التنفيذيين بشركة أرامكو السعودية بمقابلة تليفزيونية عن أن أرواح الموظفين وسلامتهم كانت أول ما سأل عنه عندما وصل لموقع الحادث، وأثنى وقدّر الموظفين الذين لم يتوانوا لحظة عن واجبهم رغم خطورة الحدث وثمّن جهودهم.
فأهمية الإنسان كروح لا تعوض، ولفت نظري لما ذُكر في سياق كلامه بأن الموظفين رأس مال بشري وثروة تم الاستثمار فيها، وأن الموظف لا يستبدل بموظف تم تدريبه وتأهيله لمواجهة مثل هذه المواقف واكتسب الخبرة ليتعامل مع الحوادث الجسيمة بهذه الكفاءة.
وفي لقاء مع معالي وزير الإسكان والشؤون البلدية والقروية، ذكر أن أحد أسباب نجاح وزارته في تسريع الإنجاز وتحسين رضا المستفيدين رغم ثقل مهامها وارتباطها بالخدمات المباشرة بأنهم وجّهوا مشاريع التحسين لأولويات من خلال صوته واحتياجه.
فالجودة هدفها الأساسي تحسين رضا المستفيد، ومن الأدوات المستخدمة لذلك تسهيل وصول المستفيد وتقييمه للخدمة أو المنتج، والاستفادة من ذلك لتطوير النظم الإدارية والخدمات والمنتجات.
ونتذكر منتجات استخدمناها رغم أن لها الريادة لكنها صارت من الماضي ومنها الهواتف المحمولة على سبيل المثال فقد كان من أحد أسباب تراجعها إما عدم مواكبة التغيير والتطوير، أو عدم الاستماع لصوت المستفيد إلا بالتغيير الظاهري أو مدة البطارية، ولكن بدون تطوير في الخدمات الرئيسية، كما يذكر أن من أحد أسباب تراجع مبيعات إحدى تلك الشركات تجاهلهم شكاوى العملاء وإصرار الإدارة العليا بأنهم الأكثر علمًا ومعرفة بما يطلبه السوق وبانفصال عن الواقع الذي يجسده صوت المستفيد.
في المجالات الخدمية، فمن يقدم الخدمة إنسان أو آلة وتطبيق يديره إنسان، والتعامل مع البشر يخضع لأمور إنسانية وحقوق والتزامات نصت عليها الأنظمة والتشريعات واللوائح والمدونات التي تحكم التعاملات البشرية، ومن المعايير التي ينظر لها في الحوكمة وضمن شروط الآيزو في المسؤولية الاجتماعية.
وكما أن صوت المستفيد من الخدمة يمثل أهمية فالموظف والعامل هو مستفيد كذلك وصوته يمثل أهمية ليؤخذ بمحمل الجدية لتصنيف مشاكله وحلها وعدم إشغاله في أمور إدارية ينبغي أن يكون لها جهات أخرى مخصصة لحلها.
تتشارك جهات عدة في صوت الموظف منها التواصل والموارد البشرية والجودة والإبداع والمراجعة الداخلية، بين استقبال لصوت الموظف وتصنيفه وتحويله للجهة المعنية، وبين الموارد البشرية كجهة معنية بحقوق الموظفين، وبالجودة لتصنيف الشكاوى والنظر لأسبابها الجذرية وحل المشكلة إن كانت من النظم الإدارية أو العوامل البشرية، وللإبداع للتعامل مع الحلول التي يقدمها الموظفون واقتراحاتهم لتحسين الخدمة، ومن المراجعة الداخلية للتأكد من فعالية وكفاءة هذه الأدوار.
تفعيل صوت المستفيد بدون وجود نظام لصوت الموظف بنفس الكفاءة في التعامل سيهدد بيئة العمل عندما يكون الموظف في مواجهة مع المستفيد وشكواه محملا فيها بتبعات النظام في المنظومة ومعزولا عن حمايتها لحقوقه، وسيؤثر ذلك على الأداء والولاء الوظيفي، وسيزيد من الدوران الوظيفي لبيئة عمل أكثر أمانا وأقل تعاملا مع المستفيدين وسيحجم من الإبداع لحل المشاكل.
وحتى لا يشغل الموظف عن وظيفته الأساسية فإن وضوح اللوائح الوظيفية ووجود أدوات فعالة للاستفسارات تتعامل مع صوت الموظف سيساهم في أن يركز الموظف على عمله عوضا عن الانشغال في البحث عن إجابات لأسئلته أو متابعة حقوقه الإدارية والمالية والوظيفية الأخرى والتي تجنب المنظومة الكثير من الخسائر في رأس المال البشري والاحتفاظ بالكفاءات، والسمعة المؤسسية.
مع التحول الوطني والخصخصة فإن الحماية والاستثمار في رأس المال البشري هو التزام بتوجيهات القيادة الرشيدة في الاهتمام بتطوير الإنسان لمجتمع حيوي ووطن طموح واقتصاد مزدهر.
@DrLalibrahim