لست بحاجة لأن أرى القلم في المنام لأعرف أنه السلطان والحاكم والعالم وكل من ينفذ حكماً ويملك سلطة.
فالقلم كل هذا وأكثر.
يتعجبون من قلة المهتمين بالشأن الثقافي والأدبي وانخفاض جماهيرية أربابه، وأقول بعد أن خرجت من اندهاشي، وأنا أشاهد ناصر القصبي وهو يتحول من كاتب مرموق مفلس إلى تافه مشهور ثري في إحدى الحلقات الجميلة لطاش (بعد العودة).. كل هذا بعد أن ضاقت به السبل ولم يجد من يقدر ويثمن رسالته التي يدرك أهل البصيرة قيمتها..
والسؤال: هو أين هم أهل البصيرة؟!.. لا أعرف عدد مَن يقرؤون لي.. ولا أريد أن أعرف.. في فكري رسالة.. وفي قلبي حب وشغف.. هذا ما أدركه جيداً وما يدفعني لمواصلة الكتابة.. وبعد أن أرحل.. أدعو الله أن يقيّض لي من يجمع فكري وأدبي حين يعود الناس للقراءة.. يا معشر الكتاب المبدعين.. اكتبوا ولو بالمجان.. انشروا الفكر والثقافة والأدب.. وسيأتيكم رزقكم من باب آخر.. العمل أنتم أهله.. والرزق ربكم أهله.. وستحصلون عليه كاملاً غير منقوص.. وما من كاتب يتوقف عن الكتابة لأنه لم يعط مقابلاً لها بسبب الأوضاع المالية للصحف.. فليكسر قلمه.. وليمزق دفتره.. وليذهب ليبيع التفاهة.. كما فعل ناصر القصبي في (طاش)..
سأظل أكتب محلقاً بكلماتي.. منتشياً بها.. أعيش معها طقوساً في حضرة كوب من القهوة.. وقطعة من (فطيرة التفاح).
شكراً لكم لأنكم منحتموني فرصة الكتابة..
إنها رسالة الصفوة.. ولن يقبل عليها غير الصفوة.. وهم موجودون.. ألتقي بهم كثيراً.. ويغمرونني بحبهم.. ويحركون في نفسي الشجن.. فأعود منتشياً إلى كلماتي.. أصنع منها بوحاً لا يقدّر بثمن..
أملك بحراً من الكلمات.. أسبح فيه.. ليس لي وجهة محددة.. يبحر بي القلم إلى شواطئ ليست مأهولة.. لا أشعر بالغربة.. أعيش ميتاً في ذكر الناس.. حياً مفتوناً في برزخي.. تسحرني خيالات الفكر.. إنها بداية البعث.. سأجد من يغوص في أعماق بحري.. ليخرجني للناس.. فنحن أمة تكرم الأموات.. وتنبش قبورهم.. لتلمعهم.. وتلفت الأنظار إليهم.
سأجد من يحتفل بي.. ويحتفل بجنازتي..
سأصبح بطل غفلتهم.. ووضاعة فكرهم.. وعشقهم للشكلية.. وبحثهم عن الإثارة!