سألتني سيدة أجنبية متزوجة من رجل من إحدى الجاليات العربية يقيمان حيث أنا حاليا، كيف أعد طبق الثريد «التشريب»؟ أجبتها: سهل جدا، قالت: يقولون إعداده صعب، قلت مبتسمة: بل إنه أسهل من إعداد شوربة المشروم.
اتفقنا بعد أن شرحت لها الخطوات أن أرسل لها تسجيلا مصورا في كيف يعد الطبق لأني متيقنة أن التطبيق العملي يجلي أي لبس أو صعوبة في فهم المعلومة، نقلت لها مراحل تجهيز المقادير قبل أن أبدأ لأنها تختصر مدة الطبخ وبدأت التصوير، أكدت لها ضرورة اختيار نوعية جيدة من اللحم والخضار وأهمية سلق اللحم مع المطيبات وطريقة تقطيع الخضار بشكل متجانس لأن العين تستطعم الطعام قبل أن تتذوقه وأشرت عليها أن تستعمل خبز الرقاق «خبز الصاج» ونصحتها بضرورة تشريب الرقاق بالمرق على مراحل بوزنية خاصة، وتركه ليتشرب دون إفراط أو تقتير قبل تزيينه، كنت أصور لها المراحل، وبعد أن واكبتني بدأت تتبع خطواتي ومع انتهاء كل مرحلة كانت ترسل لي ملصقا لوجه مبتسم.
انتهينا من إعداد الطبق سويا كل في منزله ثم أشرت عليها أن تزينه برشة من بودرة الليمون الأسود إن كانت تحب الحامض أو بكزبرة مقطعة ناعما إن كانت تريد مزيدا من الألوان، صورت لي الطبق وكان خبز الرقاق محاطا بآنية جميلة وفوقه قطع اللحم ومكعبات الخضرة مزينة بالكزبرة ورشة الليمون.
قبل الفجر أرسلت لي دعاء جميلا مفاده «الله يسهل عليك كل صعب» أسرتي الصغيرة أحبت الطبق كثيرا.
طبق الثريد يعطي درسا جميلا لمن ينظر للأمور من أكثر من زاوية فهو ليس طبقا مغذيا وحسب إنما تجانس مكوناته رسالة على ضرورة تآخي المجتمعات وبل الثريد بوزنية مضبوطة رسالة على ضرورة الاعتدال، وتزيينه بما تشتهي رسالة على تقبل وجهات النظر المختلفة. مقادير
قليل من الصبر وكثير من الاحتساب وستتذوق طيبة من طيبات الحياة.