كشف تقرير اقتصاد أن بعد شهر من الاضطرابات في القطاع المصرفي، اتجه مؤشر بلومبرج للسلع لتسجيل تراجع شهري بسيط بنسبة 1.2%، قبل أن يعود بقوة مستفيداً من عمليات البيع التي حدثت في منتصف الشهر، والتي شهدت لفترة قصيرة تراجع المؤشر لأدنى مستوىً له خلال 14 شهراً، الأمر الذي ساهم في تجنب عمليات البيع الأكبر على الرغم من المخاوف المتعلقة بالتأثير السلبي للتباطؤ الاقتصادي على الطلب، وخاصةً في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية التي تعيش حالة من الضغوطات المالية الواضحة.
وقال رئيس إستراتيجية السلع لدى "ساكسو بنك" أولي هانسن في التقرير: إن الأجواء الإيجابية نتجت عن مؤشرات تسارع الانتعاش الاقتصادي في الصين خلال شهر مارس وتأثيرها على قطاعات التصنيع والخدمات والبناء، والتي تعزز جميعها من توقعات النمو.
9 % تراجعا في العقود الآجلة للغاز الطبيعي
أضاف أن قطاع الطاقة جاء في مقدمة الخسائر، حيث شهد تراجعاً بنسبة 9% نتيجة انخفاض العقود الآجلة للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة الأمريكية، في حين استفاد الذهب والفضة من الانخفاض الكبير في عائدات السندات الحكومية الأمريكية، وتراجع قيمة الدولار الأمريكي، والتعديل الهبوطي الحاد في توقعات الأسعار المستقبلية من قبل الاحتياطي الفدرالي.
وعلى الرغم من التعافي الذي شهده القطاع المصرفي في نهاية الشهر، استطاعت المعادن الثمينة الحفاظ على أسعارها بالقرب من المعدلات القياسية لهذه الدورة، في الوقت الذي استمر فيه الطلب من قبل المستثمرين بالارتفاع وسط توقعات باستمرار العوامل الإيجابية خلال الأشهر القادمة.
تراجع جزئي للنفط الخام
تمكنت عقود برنت وخام غرب تكساس الوسيط، أكبر عقود آجلة للنفط الخام على مستوى العالم، من تعويض حوالي نصف الخسائر التي تعرضت لها في بداية شهر مارس، والتي ازدادت في منتصف الشهر متأثرةً بالأزمة المصرفية. وجاء التحسن في عمليات البيع مدفوعاً بشكل رئيسي بحاجة المضاربين والمتحوطين إلى تخفيض عقودهم الآجلة بنسبة أقل من سعر السوق في ظل توقعات الطلب المنخفضة، الأمر الذي يفسر تمكن السعر من العودة بعد مرحلة البيع الأولية ليبلغ حوالي 80 دولار أمريكي لخام برنت و75 دولار أمريكي لخام غرب تكساس الوسيط.
وشهد النفط الخام شهوراً من التداولات الجانبية قبل عمليات البيع المفاجئة، الأمر الذي ساهم في زيادة الاستقرار، ودفع المضاربين الذين يستهدفون مستوى معين من التقلبات في محفظتهم إلى زيادة مراكزهم. ومع تداول عقود برنت بقيم منخفضة داعمة، كان التركيز بشكل رئيسي على ضمان عقود الشراء طويلة الأمد قبل ارتفاع الأسعار المتوقع مع تحسن الطلب. وترافقاً مع ظهور الأزمة، تجاوز النفط الخام مستوى الدعم وأفسح مجالاً كبيراً أمام عملية البيع، وذلك من حالات التصفية طويلة الأجل والمحاولات الجديدة للبيع على المكشوف.
وسجلت صناديق التحوط خلال فترة أسبوعين حتى 21 مارس أسرع وتيرة لبيع عقود برنت وخام غرب تكساس الوسيط منذ أكثر من عشر سنوات، مع انخفاض صافي عقود الشراء المجمّعة بمقدار 233 ألف لوت أو 233 مليون برميل نفط خام ليبلغ 241 ألف لوت، وهو أدنى مستوى له خلال ثلاث سنوات. وتأثرت مبيعات عقود خام غرب تكساس الوسيط بشكل خاص.
وتراجع صافي عقود الشراء المجمّعة ليصل إلى أدنى مستوى له منذ عام 2016 مسجلاً 71 ألف لوت. واضطر المتداولون إلى تغطية المراكز القصيرة توازياً مع بدء انتعاش الأسعار وتحسن مستويات الإقبال على المخاطر.
وشهد تداول النفط الخام تحسناً بالتزامن مع الانتعاش الأخير المدفوع باستمرار اضطرابات الإمداد من شمال العراق، والناتجة عن النزاع بين بغداد وإقليم كردستان إضافة إلى تراجع قيمة الدولار، وتسجيل أكبر انخفاض في مخزونات الخام الأمريكية منذ نوفمبر الماضي، فضلاً عن التعافي المستمر للصين ودور ارتفاع مستويات الإقبال على المخاطر في تغطية المراكز القصيرة.
وأظهر الاستبيان الشهري الذي نشره بنك الاحتياطي الفدرالي في دالاس، والذي شمل عدداً من المسؤولين التنفيذيين في حوض النفط الصخري، أن "الغموض المرتبط بمدة ودرجة أزمة البنوك يجعلنا قلقين بشأن خطط الإنفاق الرأسمالي الخاصة بعام 2023". وشهدنا تباطؤ الإنتاج نتيجة التكاليف الكبيرة الناجمة عن نقص العمالة، ومشاكل سلسلة التوريد والحصول على الإئتمان.
توقعات إيجابية متوسطة حول الطلب وزيادة الأسعار
وحافظ التقرير على توقعاته الإيجابية المتوسطة حول النفط الخام، مع مخاوف بأن معظم الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي لهذا العام، والبالغة 2 مليون برميل يومياً، من الممكن أن تحدث خلال النصف الثاني.
ومن الممكن أن يساهم التباطؤ الأكبر من المتوقع، وفق ما يشير إليه التخفيض المتوقع لسعر الفائدة الأمريكي، إلى تراجع النمو الإجمالي، وبالتالي الحد من الارتفاع في أسعار النفط الخام في وقت لاحق من العام.
ومع ذلك، فمن الممكن أن يشير تجاوز سعر عقود برنت على المدى القصير عتبة الـ 80.40 دولاراً إلى العودة إلى النطاق الذي كان سائداً قبل التصحيح الذي تم في منتصف مارس.