من أكثر المصطلحات الدارجة في خضمّ أحاديثنا (المنتج) و(الخدمة) وكشخص فقير إلى الله متخصّص في التسويق، أمضيتُ سنوات فيه دراسةً وتجربةً، أقول إنني لا أعترف بمصطلح الخدمة، فهو منتج محض، ولكنه كمسمى فقط، أُطلق عليه خدمة، فالمنتج منتج، والخدمة منتج.
باختصار.. المنتج هو أي شيء يمكن أن يُقدّم لفئة مستهدفة من الناس يُطلق عليهم اسم عملاء، هذا المنتج قد يكون ملموسًا محسوسًا، وقد لا يكون. فمثلًا الملموس منه هو كالأجهزة والسيارات، وما يُباع في البقالات والمطاعم والأثاث وغيرها. أما غير الملموس فهو كاستشارة الطبيب والمحامي أو حلول لأي مشكلة، كمكافحة الحشرات أو تنسيق الحدائق أو التصاميم الهندسية، ودراسات الجدوى، ومنتجات البنوك، وغيرها، التي يسميها الناس خدمة، ولكنها منتج.
المنتج هو عبارة عن دورة حياة لشيء، منذ أن كان فكرة حتى تمّ تصميمه وتغليفه، وعمل الدعاية له، ثم تسعيره وبيعه وصيانته حتى يتلف ويصبح هباءً، كل هذا يسمى منتجًا، فكل ما يُدخِل الراحة والبهجة والسهولة والمرونة للعميل من خلال هذا المنتج يساهم في مزيدٍ من الرضا، وبالتالي مزيد من المبيعات، كما نلاحظ تسابق مختلف الشركات؛ لتقديم مميزات عن منتجاتها لجذب عملائها عن المنافسين الآخرين.
الكلام المنمّق الجميل أعلاه قد ينسف في لحظة عند بعض الحلّاقين، فتقريبًا لم أذهب مرة للحلاق إلا وأشاهد، إما خلافًا أو ملاحظة أو منعًا موجّهًا للعميل بعدم استخدام جواله؛ لأنه يعطّل الحلاق عن أداء عمله، كما أن كل مكالمة يقوم بها العميل أثناء الحلاقة تجد أنفاسًا زافرة، وملامح شاحبة تظهر علامات عدم الرضا، والذي قد يمتد إلى الكلام والمنع، وحتى التوبيخ، لا أعلم كيف توجّه توبيخًا بأي شكلٍ من الأشكال لشخص سيضع يده في جيبه، ويخرج نقودًا ليعطيك إياها، كيف يُعقل أن تكون علاقات (البزنس) بهذا المستوى الشخصي من الجدل.
لغة (البزنس) لغة تقفز على الأسلوب الشخصي، بل تجعله رمادًا وركامًا، وتقضي عليه، وتصبح اللغة باتجاه واحد، بملامح الابتسامة والقبول، وإمكانية كل شيء قد يطلبه العميل، بل حتى تجاوز توقعاته. لو كنت حلاقًا لـ «دلّعت» عملائي، وجعلتهم في آخر روقان، وأقول لهم: مسموح الكلام والضحك والراحة، وحتى الدخان والأرجيلة، (مع أنني لست مدخنًا ولا مؤرجلًا)، ولا أدعو لذلك، ولكنني أحاول أن أظهر مدى الراحة التي سيحصل عليها العميل عندي.
ولن أوجّه له لومًا على كثرة كلامه، والذي قد يطيل وقته، بل سأقول له: سلّم لي على صاحبك، ونِبي نشوفه، هل هو حلو مثلك وإلا لا، ثم سأقول: إذا قللنا الكلام فسيهدأ وجهك ورأسك، ونحلق بسرعة الصاروخ، وهكذا أجعله هو يحرص على الوقت أكثر مني.
تجربة العميل هي أهم من المنتج نفسه في بعض الأحيان، بل في كثير منها، وسأطلق على صالوني؛ لأُكسبه صبغة الراحة والهدوء والسكينة (فندق الحلاقة).
وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل، أودعكم قائلًا: (النيّات الطيبة لا تخسر أبدًا)، في أمان الله.
@Majid_alsuhaimi