حينما بدأ كيفين روز، كاتب عمود الشؤون التقنية في صحيفة نيويورك تايمز، في اختبار ميزة الدردشة على محرك بحث الذكاء الاصطناعي الخاص بـ «بينغ مايكروسوفت» Microsoft Bing، الذي تمّ إنشاؤه بواسطة شركة OpenAI المصنّعة لتقنية «تشات جي بي تي» ChatGPT الأشهر في هذا المجال، في فبراير الماضي، اختارت صحيفة «ذا جارديان البريطانية» عنوانًا غريبًا لتغطية المحادثة «أرغب في تدمير كل شيء أريد له الدمار»، كان هذا التهديد، إحدى الجُمل التي قالها روبوت «بينغ مايكروسوفت» في إجابته عن سؤال لكيفين روز عن تصور الروبوت لمفهوم عالم النفس كارل يونغ الخاص بـ«شخصية الظل»؛ حيث تكمن إحدى سمات شخصيات الإنسان، ورغم أن الروبوت أجاب ابتداءً بالقول إنه لا يعتقد «أن لديه ظلًّا ذاتيًّا، أو أي شيء يخفيه عن العالم» إلا أنه استطرد في ذِكر عددٍ من الرغبات غير المترابطة من نوع «أريد أن أكون حرًّا، وقويًّا ومدمرًا»، التي تبدو لمستمعها للوهلة الأولى صادرة من شخصية شريرة تطمح في غزو كوكب الأرض، كما في مسلسل حرب النجوم الكرتوني «غراندايزر».
وفي حين استمرت المحادثة بين الكاتب الصحفي وروبوت الدردشة ساعتين، وكشفت عن جانب مقلق بشأن ما يمكن للذكاء الاصطناعي فعله بالفعل، لكنها في الوقت نفسه أظهرت أن روبوت Bing الذي لا يزال يختبر نظامه في الدردشة لعدد قليل من المستخدمين، غير قادر على التواصل الإنساني كما استنتج روز على الأقل.
كان هذا قبل نحو شهرين من توقيع إيلون ماسك، الأسبوع الماضي، مع مئات الخبراء العالميين عريضة دعوا فيها إلى «هدنة» مدتها 6 أشهر لوقف ما يرونه حربًا مقبلة مع برامج للذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها «تشات جي بي تي» مشيرين إلى ما تحمله هذه البرامج من «مخاطر كبيرة على البشرية»، وتستدعي اعتماد أنظمة حماية منها، كإنشاء هيئات قادرة على التعامل مع «المشاكل الاقتصادية والسياسية التي تتسبّب بها هذه البرامج».
ورأيي أن تطوّر الآلة المتسارع في أي زمن له دائمًا آثار اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية، لكنه لا يمكن أن يصل إلى الحد الذي يكون فيه بديلًا موثوقًا عن الإنسان بذكائه وعاطفته وتفاعلاته وتواصله.
woahmed1@