اليوم هو السادس عشر من رمضان، ونصف الشهر الفضيل محطة مفصلية عند الأذكياء والنابهين، فهو محطة لمراجعة الخُطط التي بدأنا بها، هل حققنا؟ هل قصَّرنا؟ هل استهنا بقدراتنا فوجدنا أننا نستطيع أن نقدم أكثر مما توقعنا، خصوصًا أن الأجواء المحيطة في رمضان تدفع للتميز والعطاء؟! وما الذي يحتاج إلى التعديل والتطوير؟!
من لم يتجاوز سورة آل عمران حتى الآن، وهو الذي كان يخطط لختم القرآن كل ثلاثة أيام، يحتاج أن يُعيد النظر في خططه، ويسعى لسد الفجوة الكبيرة بين الواقع والمأمول.
من طلب في أول الشهر الحل والمسامحة، واستقبل الشهر الفضيل عازمًا بصدق على إيقاف لسانه عن الفري في الأعراض، واختلاق المشاكل، والتدخل في شؤون الآخرين، وما إن مر اليوم الأول والثاني حتى عاد لما بغّض من حوله فيه، يحتاج أن يستعين بالله، ويثبت على طريق البُعد عن المشاكل، فالشياطين مصفدة في رمضان كاملًا، وليس في بدايته فقط.
من قرّر أن يُقلع عن عادة سيئة، ولكنه لم يمتلك الشجاعة فتراجع، عليه أن يدرك أنه يستطيع بالاستعانة بالله ودعائه وامتلاك الإرادة، فالأفعال السيئة تظل شذوذًا عن الأصل يتجاوزه الأقوياء.
من قرّر أن يفطّر كل يوم صائمًا، أو خطّط لأن يطلع عليه كل صباح من شهر رمضان، وقد كُتب من أهل العطاء والصدقة، وقد مر نصف الشهر ولم يدخل مجلسه أحد، ولم يدفع ريالًا واحدًا على غير ما يظنه احتياجات لا تنتهي، عليه أن يعلم أن النصف الباقي فرصة ثمينة، ويمكن التعويض فيها بكل سهولة، والمحتاج قد يكون بانتظاره في النصف الثاني أكثر من حاجته له في النصف الأول.
ما تبقى من أيام رمضان ولياليه هي أيامٌ فاضلة وعظيمة، وهذا من فضل الله «سبحانه وتعالى»، ففي الأيام المتبقية ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر، ومن قام الليالي القادمة قام ليلة القدر فكسب المغفرة، بدون انشغال بالرؤى والأحلام عن الهدف الأهم، وقد كان خير البشرية «صلى الله عليه وآله وسلم» يستعد للأيام القادمة استعدادًا خاصًّا، كما قالت أم المؤمنين عائشة «رضي الله عنها»: كان النبي «صلى الله عليه وسلم» إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله.
الأهم أن نعيد مراجعة خططنا وطموحاتنا التي بدأنا بها، فلا يمر النصف الثاني من رمضان كما مر النصف الأول.
@shlash2020