تتبادل الأسر الإهداءات والتوزيعات بمناسبات مختلفة كقدوم رمضان أو القرقيعان أو العيد أو في الأعراس والمناسبات، وتتفنن المحلات والأسواق في تلبية رغبات الناس بأنواع وأشكال مختلفة، وبالرغم من أن هذا الإهداء يمثل رمزا للمحبة، ويدخل السرور على المهدَى إليه، إلا أن الكثير منها ليست إلا رسالة حب غير دائمة المفعول! وحتى يستمر مفعول الهدية على المهدي ألا يتعجل في انتقائها أو أن تكون تحصيل حاصل أو على مبدأ: (مع الخيل يا شقرا)!
ولا أعني أن تكون الهدية ذات قيمة عالية، لكن المقصد أن تكون مفيدة، فعوضاً عن إرسال مجسَّم أو تحفة رديئة الصناعة أو علبة بها خردوات! يمكن استبدالها بنوع من المواد الغذائية، خاصة ما يوزع في رمضان المبارك كشراب التوت مزيناً بعبارة بسيطة أو بهارات خاصة أو أي نوع من مواد المطبخ ومنتجاته أو مصحف ذي جودة عالية! أو غطاء للصلاة وغيره، ومما ابتلينا به هذه الفترة (صناعة التوزيعات)!! وهي كل صناعة لات تهدف لشيء إلا لعدم الفائدة! وتبذير المال، وهي أشبه بالخردوات، يفرح بها المهدي في حينه، ثم يلقيها، فلا فائدة مرجوة من وجودها، ولا تستدعي حفظها!! ولأن قاموس (الاكتناز ) يستدعي التخلص من كل فائض أو منتج غير نافع، فإن التوزيعات هي أول ما يتم التخلص منه، خاصة للناس الذين لا يؤمنون بالذكريات! أو أولئك (الشاعريين) الذين كلما قابلتهم أخرجوا لك صندوقاً وبدأوا بالحديث عما فيه، فتلك الهدية أهداها له فلان عام كذا، وتلك اللوحة ذات المعنى - الذي ليس له معنى- حصل عليها من فلان عام كذا! وبدأ بالشرح مستحضراً كل جوارحه وأحساسيسه، وأنت تحدث نفسك: - «وش هالقرابيع»!!
لذلك - فالقرابيع - كنز ثمين لفئة معينة وعبء على البعض!
وبهذا فإن سوق الخردوات والتوزيعات بدأ في الازدهار و(الصين) ومصانعها (شغّالة)!
وقد كنت في تلك الأسواق قبل عدة أيام وشاهدت المتسوقين وأكياسهم محملة بالعلب والريش وقصاصات الأقمشة وغيرها مما يكون مصيره (القمامة).
ومن طريف ما وصلني هذا العام نقصات وهدايا حفر المهدي على كل قطعة منها، أسمي بكل ما أوتي من قوة، ولعل المهدين أدركوا أن وجود الاسم ثابتاً دون حراك يثبت مكانها!
وبالرغم من وجود ذات الصنف لدي بكميات تستلزم التخلص إلا أن المهدي منعني منعاً تاماً من البر بها واستفادة غيري!
وقد كانت أمي «رحمها الله» تقول كلما عاتبناها عن توزيع ما يأتيها من هدايا: (من هدية لهدية تدخل الجنة)، بمعنى عليكم أن تهدوا هداياكم! بينما كنا نؤكد عليها أن (الهدية لا تُهدى).
وإمعانًا في (نحاسة البنات) فقد بدأنا بحفر اسمها على العطور التي نجلبها مثلاً لتمتنع عن توزيعها ودسها مع قطعة قماش، كلما همَّت لزيارة أحد من الجيران والصديقات!!
أما نقصة الطعام، وهي ما يهديه الجيران لبعضهم في رمضان على وجه الخصوص، فهو حديث ماتع لا يُمل، وكم من طبق دخل علينا بالسرور والحبور، فمن أجمل لحظات الإفطار عندما يطرق أطفال الجيران الباب محمَّلين بشيء من طعامهم، ورغم أن هذا الطبق لن يجد مكاناً في صفحتنا إلا أننا نراه الأفضل (والأطعم).
@ghannia