لكل مؤثر رسالة يسعى لتقديمها وهدف يعمل للوصول إليه من خلال المحتوى والمادة التي يقدمها عبر وسيلة التواصل الاجتماعي التي عرف بها، حيث يقدم من خلال المحتوى ملامح شخصيته وطريقة تفكيره وسلوكه وأهدافه، وقد نتفق أو نختلف مع هذا المحتوى بالشكل الذي يجعلنا نقدم رأياً أو توجيهاً هادفاً لهذا المؤثر لتحسين وتطوير محتواه.
وبالمجمل ما نريده من هذا المؤثر هو احترام عقولنا وقيمنا ومبادئنا ومجتمعنا وتقديم صورة جيدة بعيدة عن التهريج والسخف والابتذال والسوء والسطحية، فله حرية الطرح وتعدد مجالاته وطرقه، وتقديم ما يريد، وهي حرية شخصية تُحترم، لكن دون تعمد الإسقاط على ما نرى أنه من الثوابت في حياتنا الاجتماعية والإنسانية.
لا إشكالية في تعدد ثقافة المؤثرين أو مستواهم التعليمي أو تفاوت مستوى ما يقدمون ودرجاته وجودتها، فهذا اختلاف يخضع للقدرات والميول والفروق الفردية الموهبة.
وهناك مستوى حضور وتقبل يختلف من شخص لآخر، فالجميع ليسوا سواء، لكن يجب أن يكون الجميع بعيدين عن سطحية التفكير وهامشية المادة المقدمة، والبعد عن المواقف المفتعلة المنفرة التي تشعرنا بتفاهة الطرح، وتجعلنا نشمئز من تدني مستوى ما يقدم.
أحترم كثيراً سعي بعضهم، ليكون محتواه مصدر رزقه أو تحسيناً لدخله، أو مجالاً للاستثمار النافع.
مؤمن بأن العائد المادي مهم ومطلوب، وقد جعل بعضهم في لمحة بصر أثرياء، وغير الغنى نمط حياتهم، وحسن مستواهم المعيشي، لكن ذلك لا يجب أن يجعلنا نؤثر جمع المادة ومبالغ الإعلانات التجارية على رسالتنا تجاه المجتمع أو نتجاهلها ونتجاوزها، خاصة أن ما يقدم من محتوى يؤثر على سلوك الأفراد ونمط تعايش المجتمعات، فالكثير من المؤثرين قدوة في المحاكاة والتقليد، وبالذات بين جيل الشباب والشابات والمراهقين المراهقات، وصغار السن، حيث هناك هيمنة لمن يسمونهم مشاهير التواصل الاجتماعي على جزء كبير من الإعلام الجديد المؤثر.
مع التأكيد على أن الانجراف وراء أي محتوى من أجل كسب مزيد من المتابعين والمعلمين، ولو كان ذلك على حساب نفسك، واحترام الناس لك، واحترامك لمن يعملون معك، والذين يوصفون بأنهم فريقك أو مجموعتك، حيث لا يجب أن نتمادى في تحقير الذات، والاستهتار والتهكم بالمجموعة التي تقدم المحتوم، مما يوحي بأنهم مجموعة تم الدفع لهم مقابل أداء سيناريو مكتوب ومشاهد متفق عليها، حيث تمس فيها كرامتهم وهذا أمر مرفوض وغير مقبول.
ونحن ننتقد محتوى بعض أصحاب المزارع والاستراحات التي تهدف في بعض الأحيان للإساءات المتعمدة والمقالب المكشوفة السخيفة المتفق عليها، ويتم فيها الخروج عن الذوق العام، بهدف الجذب، فإنني أشيد بكل صاحب محتوى يفيد المجتمع، ويرفع مستوى الوعي.
يجب على المؤثرين الابتعاد عن المساس بعادات وتقاليد ولهجات وخصوصية مناطقهم ومحافظتهم ومجتمعاتهم المحلية، وذلك بتقديم محتوى يسيء لها، ويجعلها محل تندر وتعليق وانتقاد وجدل وسخرية استهزاء، وهي التي عرفت ببلاد العلم والثقافة والفكر والتراث والحضارة والتاريخ، وهذا خطأ جسيم وكبير يرتكبه هؤلاء، ويجب أن يتوقفوا عنه، فصنع الابتسامة والضحك وحتى الإسفاف لا يجب أن يطالها أو يسيء لها أبداً، فهي مصانة ومحفوظة.
لا يجب أن يعتقد هؤلاء أن التأثير الاجتماعي والشهرة في وسائل التواصل الاجتماعي تتحقق بالتحقير للآخرين، والتخلي عن جودة المادة التي تقدم، والغرق في الإسفاف والخروج عن المألوف، وتعمد الإثارة من أجل تحقيق أعلى المشاهدات والابتذال الذي لا يراعي القيم والسلوك والقدوة.
كلنا مؤثرون بالفكر الذي نملكه، والقيمة الاجتماعية التي نقدمها، وحرصنا بتحقيق تمازج منطقي بين الرسالة والهدف، وجمع المكاسب المادية.
@samialjasim1