أتت بواعث الاهتمام بالقرن الأفريقي من منطلق بُعدين أولهما جيوسياسي، ويكمن فيما يكتسبه القرن الأفريقي من أهمية حيوية جغرافياً، ويتمثل البعد الثاني في البعد الاقتصادي، وعند النظر للقرن الأفريقي من الناحية الأمنية والجيوسياسية يلاحظ أنه يمثل مركباً صراعياً وأمنياً يتمتع بالخصوصية؛ حيث يجادل البعض في وجود ارتباطات وتأثيرات متبادلة بين الصراعات ومراكز وبؤر التوتر في المنطقة، ترجع إلى التنافس على الموارد الطبيعية أو محاولات تحقيق الهيمنة والنفوذ، والتي هي في الغالب والأعم سبب تلك الصراعات، كما يرجع البعض الآخر هذه التوترات إلى الخلل الحادث في توازنات القرن الأفريقي، والسعي لتنمية المصالح القومية.
وإبان الفترة الاستعمارية تأثر القرن الأفريقي (إريتريا وأثيوبيا وجيبوتي والصومال والسودان وجنوب السودان) بعدد كبير من الحروب الأهلية بين الدول، الأمر الذي تشكَلت معه خريطة وحدود القرن الأفريقي بصورة متغيرة في حقبة ما بعد الحرب الباردة؛ حيث حدثت تغيرات كبيرة في ملامح القرن الأفريقي، والمتمعّن في الصراعات الدائرة بالقرن الأفريقي يلاحظ أنه بجانب التدخلات الاستعمارية، وظهور فواعل جديدة بالمنطقة، فقد أدت التوترات الناجمة عن النزاعات الحدودية في المنطقة هي الأخرى إلى تأجيج الصراع في المنطقة، الا أن فك شفرات التحديات والأزمات المركّبة في القرن الأفريقي تطلّب حنكة سياسية خارجية، والمملكة ومن خلال السياسة الخارجية، قامت بالعديد من الأدوار في القرن الأفريقي كتطوير الأسواق الاقتصادية في القرن الأفريقي، ولعبت دورًا في الوساطة بين إثيوبيا وإريتريا أفضى إلى اتفاق سلام عام 2018، وركّزت على بناء علاقات مع الصومال، خاصة في إقليمي «أرض الصومال» -المنفصل ذاتيًّا- و»بونتلاند»، وقدمت المملكة للصومال 50 مليون دولار في 2016، وفي يناير 2020، أسست المملكة مجلس دول البحر الأحمر وخليج عدن، وتتجسد أهمية مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن من منظور «جيوإستراتيجي».
ولقد استشعر صناع القرار في المملكة مبكراً أهمية وجود مجلس للدول المشاطئة على البحر الأحمر وخليج عدن، من خلال اعتبار المخاطر التي قد تتعرض لها دول المجلس بسبب قربها من مناطق التوتر والمناطق المضطربة، بالإضافة لما تملكه هذه الدول من أهمية إستراتيجية مرتبطة بأمن الممرات المائية وأمن الطاقة، وهذا ما خلق أهمية بالغة للدول المطلة على البحر الأحمر بتأسيس المجلس.
@HindAlahmed