استضافت قاعة الفن النقي بالرياض معرضا كبيرا للفنان محمد المنيف، سماه (كما أراها) يأتي بعد أكثر من أربعين عاما على إقامته معرضه التاسع، وبعد أعوام طويلة تقارب تلك الفترة في العمل الصحفي محررا ومشرفا على صفحات الفنون التشكيلية في الغراء صحيفة الجزيرة.
غطت أعمال المعرض قاعات الفن النقي مع مساحتها الكبيرة وكثرت الأعمال (نسبيا)، رغبة في عرض أكبر عدد ممكن منها. يأتي المعرض وقد غاب اسم الفنان عن الحضور والمشاركات وحتى إقامة العروض الفردية، إذا استثنينا استضافته في معرض شواهد الذي أقامته وزارة الثقافة قبل عام ونصف العام تقريبا مستعيدة أعمال بعض الفنانين السعوديين التي كانت تمتلكها الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ومشاركة في معرض لمجموعة الرياض مع بدايات انطلاقتها وإقامة أحد معارضها في الرياض وتحديدا في صالة الأمير فيصل بن فهد بمعهد العاصمة النموذجي. إضافة إلى حضور أخير في مشاركات مع حافظ جاليري بجدة في بعض مناسباته الفنية. بدا تأثير الفترة الزمنية التي اشتغل فيها الفنان أعماله واضحا على مجمل أعمال المعرض، وإن قسمها إلى تسميات، إلا أن الأثر والتأثير واحد، فالمجموعة اللونية التي اشتغل بها بدت متقاربة، وهو ما خلق نوعا من الميكانيكية في إعطاء مجموع الأعمال صبغة واحدة مع تقارب المساحات. التنويع في مثل هذا الكم من الأعمال مطلوب، كما أن العرض نفسه أعطى هذا الإيحاء، فالمعالجات اللونية بدت وكأنها من باليتة واحدة، مجموعتها اللونية محددة وواضحة لدى الفنان وإن تنوعت درجاتها سعيا إلى تمثيل بيئة محلية، لعل أبرز ما يمثلها لون الصحراء وحمرة الرمال وبعض انعكاس شمسها. الخبرة الفنية وإن بدت واضحة في مواضيع القرية أو الصحراء أو رسم الصخور، وهو تقسيم موفق مع منح المجموعة ما يميزها مع وضوح الشخصية الفنية. كنت أميل إلى التقليل من العدد مع طريقة عرض أكثر جذبا وتقديما للعمل الفني الواحد، فالأعمال فيها من الخبرة الفنية وشخصية الفنان وأصالته ما يكفي لتمييزها ووضعها ضمن الأساليب الفنية المعروفة على مستوى التجربة المحلية على الأقل. فمحمد المنيف أحد أسماء الجيل الثاني انطلقت عروضه الشخصية مبكرا وبعد تخرجه بعام في معهد التربية الفنية بالرياض، واستمر نشاطه وحضوره الفني إلى أن التحق بالعمل الصحفي. خبراته الفنية تعود إلى تعامل شاعري مع الألوان المائية التي اشتغلها في مجموعة من أعماله المبكرة كما ضمنها بعض عروضه الشخصية، ووجدت تشجيعا من فنانين هامين كمحمد السليم على سبيل المثال. المعرض قدم خلاصة خمسين عاما من الممارسة الفنية حافظ خلالها على سمات التجربة، وحضور مناسبات فنية خليجية كان يستجيب لحضورها إعلاميا، على عكس النشاطات المحلية التي كان بعيدا عن حضور معظمها. عكس المعرض تجربة فنية أصيلة، تعود لتجدد حضورا وروحا فنية سعت للجمال وشخصية فنية أصيلة لا يزال الفن مبعث عطائها.
[email protected]