من خلال المعاني الجميلة التي جاء بها سيد الشهور وأعظمها فضلًا، وأرفعها منزلة، وأعلاها قدرًا، تأتي العشر المباركات، وهي وبحق فرصة عظيمة ومنحة ربانية لتلك الأمة التي شرَّفها الله تعالى بوصفه الكريم بأنها خير أمة أخرجت للناس، فتأتي هذه العشر كل عام لها غايتها المُثلى المتمثلة في تجديد إيمانهم، وزيادة صلتهم بالله، وترسيخًا لشريعتهم الغراء.
وتبدو خصوصية العشر المباركات في أن الخير كله مجتمع فيها، وشوق انتظارها والظفر بها والتلذذ بثمارها لا يعلمه إلا كل حريص يعرف شرف الزمان، وقيمة الأوقات، وما فيها من نفحات إلهية، ولو يعلم الناس ما في العشر الأواخر من رمضان من كثرة الخيرات، وعظيم الهبات ما تركت العبادة فيها، واشتغلت عنها بغيرها.
العشر الأوخر المباركات وما فيها من الخير الكثير، والأجر الكبير، والثواب العظيم، هو ما يدفع النفوس لزيادة الهِمَم لاستغلال كل دقيقة في هذه العشر في الأعمال الصالحة، وفعل الخيرات، واجتناب ما نهى الله عنه.
إن العشر الأواخر من هذا الشهر فرصة لمَن قصَّر في أول الشهر أن يجد الوقت الذي من خلاله يتدارك ما فاته من الخير، ويعمل جاهدًا حتى يصل إلى الفوز العظيم من العطايا والهبات والمميزات والخصائص والتي لم تحظَ به أمة من الأمم قبلها ولا بعدها.
ونستطيع أن نقول إن أهمية العشر المباركات وما فيها من عظمة التشريف، وجلال التكريم ما يدل على فضل الطاعة، واستحبابها، وعدم الغفلة عنها، والانشغال بالحياة الدنيا، ففيها ليلة خصَّ الله بها هذه العشر وهي الليلة المباركة التي شرفت بنزول القرآن الكريم، قال تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر)، وهي الليلة التي قال عنها رسولنا الكريم «صلى الله عليه وسلم»: «مَن حُرم خيرها فقد حُرم».
وامتدادًا لأعمال الخير، هنا دعوة إلى التبرع من خلال منصة إحسان الوطنية واحتساب الأجر من الله تعالى، لا سيما في هذه الليالي المباركة في شهر العطاء والبذل، وذلك لما يعزز الترابط والتضامن بين الأفراد في المجتمع، وهنا يجب تحفيز هذه الممارسات والاستفادة من قيمها وأهدافها في بناء المجتمع، وهي قيم التعاون والتآخي بين الأفراد.
فالمنصة سهلة التعامل معها، والقائمون عليها لديهم القدرة للوصول إلى المحتاجين مما ييسّر التبرع؛ ليضمن وصول هذه التبرعات لمستحقيها وفق أعلى معايير الحوكمة والشفافية.
وأخيرًا يكون ختام هذه العشر، ورضا الله على عباده الصائمين بتلك الهبة الربانية، وهي نعمة العيد «عيد الفطر المبارك» وهو يوم الجائزة لمن أخلص النية في الصيام والقيام وصالح الأعمال، فمن حقه أن يكون في معية الله ورعايته فرحة وسعادة، ومن هنا يأتي التوجيه النبوي في الحديث الشريف، والذي قال فيه: «من قام ليلتي العيد محتسبًا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب»، فما أحوجنا إلى تلك العطايا الربانية لنسعد في الدنيا، ونفوز برضا رب البريات.
@Ahmedkuwaiti