أقف هنا موقف المسلم المؤمن، وليس موقف الواعظ، فالحمد لله لدينا من العلماء والوعّاظ مَن نقف أمامهم نتعلم أمور ديننا الكريم منهم، ويضيئون لنا طريق الهداية «وفقهم الله وحفظهم».
إنني وعبر كلماتي تلك، إنما أعبّر عن مشاعري للقارئ الكريم بما يجيش في صدري عن هذا الشهر الكريم، والذي ما من ليلة من لياليه إلا لله «عز وجل» فيها عتقاء من النار، خاصة في العشر الأواخر التي شارفت على الانتهاء، والتي كما نُقِل لنا أن الله «عز وجل» يغفر للمستغفرين بالأسحار، فإن هذه الرحمة وهذه المغفرة أرجى في هذه العشر، لاشتمالها على ليلة كرّمها الله «عز وجل»، وشرَّفها على سائر الليالي، وهي ليلة القدر التي وصفها الخالق بأنها خير من ألف شهر، ففيها أُنزل القرآن، وتنزل فيها الملائكة والروح فيها أي: يكثر تنزّل الملائكة في هذه الليلة؛ لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلقات الذكر، والروح هو جبريل «عليه السلام»، ووصفها بأنها سلام، لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو أذى، وفيها السلامة من العقاب والعذاب بما يقوم به العبد من طاعة الله.
إن الله تعالى يغفر لمَن قامها إيمانًا واحتسابًا، كما جاء في حديث أبي هريرة «رضي الله عنه» عن النبي «صلى الله عليه وسلم» قال: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدّم من ذنبه)، وتسمى الأيام العشر الأواخر من رمضان بأيام العتق من النيران، ففيها يعتق الله تعالى الرقاب من النيران، ويغفر الذنوب.
وبدأت أيام العشر الأواخر من رمضان الذي نعيشه الآن بداية من الأربعاء 12 أبريل 2023 الموافق 21 رمضان 2023، وهي من الأيام التي حث النبي على اغتنامها بالخير والطاعات والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة والدعاء.
إن بلادنا المقدسة في هذا الشهر تستقبل الملايين من المسلمين في أماكنها المقدسة، مكة المكرمة والمدينة المنورة لأداء العمرة والاعتكاف في المسجد النبوي والمسجد الحرام، ويجدون كل وسائل الراحة والاستقبال الطيب، وقد كان لي شرف التلاقي مع البعض منهم وسمعت ما يضيء ويشرّف؛ ما جعلني أفتخر بهذا الوطن وقادته الأوفياء المخلصين، وأتخيّل هذه الملايين، وأتساءل: ماذا يحدث لو أنهم تواجدوا في دولة أخرى، ودعوني أفتخر بوطني وأقول إن هذا الأمر مستحيل ولا تستطيع أي دولة تقوم بما يقوم به هذا البلد المبارك العظيم، سائلين الله أن يعيده علينا، ونحن في تقدّم ونهضة ورخاء، في ظل قيادتنا الرشيدة «وفقها الله».
khalid_ahmed_o@