كل عام وأنتم بخير، وتقبَّل الله صيامكم وقيامكم وصالح أعمالكم، وجعلكم من العايدين الفائزين.
تظل هذه العبارات الجميلة التي نتبادلها قبل العيد ويومه، عبارات ميتة يكذبها جفاف المشاعر، إن لم تحيَ بصدق الأفعال المدفوعة بقلوب صافية تدرك أهمية العيد وأهمية تحقيق السعادة فيه، وسعادة كل منا أحد محركاتها سعادة مَن حولنا وأنسهم، فلن يكون الإنسان سعيدًا حقًّا ومن حوله تعساء، وإن قال وكتب وغرَّد وبث وصوَّر.
مَن كان له أب أو أم يدمي قلبيهما صباحًا ومساءً بكلماته الجارحة وتصرُّفاته التي لا تليق، وبمشاكله التي لا تنتهي مع إخوانه وأخواته، أو حتى بمصائبه وفشله الذي يجعل رأس والديه لا يرتفع عندما يأتي ذِكره، لن يكون والده ووالدته بخير حتى ولو بادر لتقبيل رأسيهما يوم العيد وصوّر أو صوّرت يد الأم وتحتها عبارة: «كل عام وأنتما بخير يا أعز الناس»!
ومَن كانت له زوجة يؤذيها بكلماته الجارحة، ويسيء التعامل معها، لن يكون عيدها سعيدًا حتى ولو شكرها على ما قدَّمت في رمضان، وسأل الله لها سعادة العيد، والأمر مثله للزوجة التي لا تعطي زوجها قدره، وتشتت حياتهما باهتمامات تافهة ومقارنات مدمّرة، ولا تسعى حق السعي في نجاحه الذي هو نجاحها، وتبعده عن سعادة العيد بالمشاكل وتخريب العلاقات مع القريب والبعيد!
ومَن كان لديه أولاد، بخيل معهم في كل شيء، من المشاعر وأعلى، لن يؤثر فيهم كثيرًا دخوله بعد صلاة العيد، ولا كلماته الجميلة التي يقولها.
ومَن يدخل عليه العام تلو العام، وهو في مشاكل وخصومات مع مَن حوله، في قضايا لو نظر لها بقلب سليم لوجدها مهما كانت لا تستحق الخسائر الروحية والعقلية التي تحدث بسببها، لن يعيش سعادة العيد، ولو أرسل وهنّأ، فالأفعال تناقض الأقوال، وماذا أصنع بكلماتك وأنا أرى سوء أفعالك؟
أتمنى أن يكون العيد فرصة لنا جميعًا، وقد خرجنا من رمضان بقلوب صافية وهِمَم محلقة لمراجعة الكثير مما نقوم به، وأن نسعى للسعادة ونشرها فيمَن حولنا، ففي الحديث الشريف يقول المصطفى «صلى الله عليه وآله وسلم»: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا».
كل عام وأنتم بخير وصحة وعافية وسعادة حقيقية لا مزيفة.
@shlash2020