لقد كثر القول فيما إذا كانت الموهبة أمرًا فطريًّا أم أمرًا مكتسبًا، ولكن اللافت للنظر، ما وضحه دانيال كويل الصحافي الأمريكي، في كتابه شفرة الموهبة، حيث يؤكد وفقًا لدراسات بحثية على أنها أمر مكتسب، وأنها عبارة عن شفرة، من وُفّق لفك رموزها، استطاع أن يتحصّل على الكنز المفقود، ويشير إلى أنه من الممكن أن يتم صناعة جيل موهوب من أفراد لا يتمتعون بمواهب فطرية، ويكون ذلك من خلال أمور ثلاثة، أولها الاهتمام بإنشاء مراكز الموهوبين أو ما يسمى بمكامن الموهبة، والأمر الثاني، عبر فهم تركيبة الدماغ، وأخيرًا عبر معرفة كيف لنا أن نتعلم.
يرى دانيال أن الاهتمام بتأسيس مراكز لتنشئة الموهوبين، لها أثر كبير في تخريج جيل موهوب، فنادٍ صغيرٍ خارج مدينة موسكو، استطاع أن يخرج وحده أكثر من ٢٠ لاعبًا محترفًا من كبار اللاعبين في كرة المضرب، في حين لم تتمكّن أعرق الأندية في الولايات المتحدة من فعل ذلك.
أمًا الأمر الثاني فهو فهم تركيبة الدماغ، فالدماغ يتطوّر من خلال التجربة والخطأ، فكلما أخطأنا كان أنفع للتعلم، كما لو افترضنا أن سيارة تسير في طريق غير ممهَّد ذهابًا ومجيئًا، ستسهم في تحسين مستوى الطريق، وسيصبح السير عليه بعد ذلك أكثر سهولة، فكلما تحدّيت عقلك بشكل أكبر كانت تجربة التعلم أفضل بشكل أكبر.
إذًا، هل من الممكن أن نتعلم أي شيء نريده؟
يرى الكاتب أنه توجد ثلاث خطوات مهمة لتعلم ما تريده، أولاها: الممارسة العميقة، والثانية: إشعال الرغبة، والثالثة: تواجد المدرب الخبير، فالممارسة العميقة، تكون عبر تقسيم ما نريد أن نتعلمه إلى أجزاء صغيرة، والتركيز على إتقانه ثم الانطلاق إلى جزء آخر وهكذا، والأمر الثاني، هو التكرار مع التدرج، ويؤكد على ذلك بدراسة أجريت على تعلّم الأطفال للمشي، حيث وجد من خلالها، أن سرعة التدرج في المشي، تتناسب مع عدد المحاولات التي يفشل فيها الطفل، ويحاول أن يكرر محاولاته، أما الأمر الثالث، فهو أداء المهارة والتفكير بتحسين الأداء بشكل أفضل، والتقييم الدائم حتى الوصول إلى أتقنها بأفضل وأقصر الطرق.
ثم بعد ذلك تأتي مرحلة إشعال الرغبة، وهي القوة الدافعة، من المحيطين بالفرد، كالأهل والأصحاب والمجتمع والإعلام، وبالأخص القدوات المشهورة، فالرغبة الجامحة والإرادة الجادة، تدفعان وبشكل استثنائي لتعلم أي أمر ما، والوصول إلى الهدف المنشود.
وأخيرًا، يأتي دور المدرب الخبير، حيث يتمثل دوره في دعم المتدرب، وتصحيح الأخطاء، وتوجيه الرغبة إلى المسار الصحيح، والأهم منذ ذلك كله أن يصل بالمتدرب إلى مرحلة التدرب العميق، وليس بالضرورة أن يكون المدرب متواجدًا مع المتدرب، بل من الممكن أن يكون التدريب عن بُعد، عبر كافة المنصات المتوافرة على الشبكة العنكبوتية.
@azmani21