تحدثنا في مقال سابق عن «اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف» واليوم نتحدث عن «اليوم العالمي للملكية الفكرية» واليومان موجودان من ضمن روزنامة الأيام العالمية الرسمية للأمم المتحدة. وكلاهما يقعان في شهر أبريل، والفرق بينهما ثلاثة أيام فقط! ولذلك اقترح أن يتم تعديل (اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف) إلى (اليوم العالمي للكتاب) حيث إن اليوم الآخر (اليوم العالمي للملكية الفردية) يشمل حقوق المؤلف وغيرها من الحقوق الفكرية، والتي سوف نتحدث عنها أكثر في هذا المقال.
ومن البديهي أن كل مفكر أو مخترع يتمنى أن يكون له بصمة وأثر، وأن يبقى هذا الأثر باسمه، فذلك دافع ومحفز ذاتي، ومشجع له في تخليده تاريخيا.
وفكرة حفظ الحقوق الفكرية ظهرت مع بداية الثورة الصناعية، وتحديدا في عام (1883م) حيث تمت اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية. تبعها بعد ذلك بثلاثة سنين اتفاقية بيرن لحماية الأعمال الأدبية والفنية. ولكن أول منظمة عالمية معترف بها دوليا وتحت مظلة الأمم المتحدة هي (المنظمة العالمية للملكية الفكرية) وبالإنجليزية المختصرة (WIPO) وهي تأسست في عام (1970م).
وللمعلومية، فإن يوم (26) أبريل من كل سنة يوافق ((اليوم العالمي للملكية الفكرية)). وهذا اليوم يذكر العالم بأهمية حفظ الحقوق الفكرية، ومن أمثلتها: العلامات التجارية، وبراءات الاختراعات، والتصاميم الصناعية، وحقوق المؤلف والمبتكر، والحقيقة أنه حين يعلم المخترع أو المبتكر أن حقه وفكره محفوظ سوف يعمل بشكل أفضل، وبطريقة أكثر أريحية، وسيبذل جهدا أكبر للمنافسة مع الآخرين. فالمنافسة تولد الحماس والدافع للتفوق على بعضنا البعض، وهذا يخلق جوا حميدا ومشجعا للتفكير خارج الصندوق، والبعد عن المألوف والتقليد.
وتجدر الإشارة إلى أن حفظ الحقوق الفكرية قانونيا له ثمرات عدة منها، حماية حقوق المخترعين والمبتكرين من التعدي عليها. وأن تكون هناك تصاريح مسبقة منهم للاستفادة من أعمالها الفكرية المبدعة. وهذا يمكنهم من الاستفادة ماديا من أفكارهم وأعمالهم بشكل تجاري. ومنها تشجيع الصناعات المحلية على الانتشار عالميا. ومن الفوائد سهولة جذب الاستثمارات الأجنبية خصوصا حين يتأكدوا أن حقوق المنتج مصونة ومحفوظة من النسخ أو السرقة أو القرصنة. وأيضا من الفوائد حماية المستهلك من الغش أو التقليد التجاري أو المنتج الفاسد أو الرديء، وكذلك هي حماية من ناحية السلامة والأمان.
ويأتي الشعار لهذه السنة (2023م): «النساء والملكية الفكرية، تسريع الابتكار والإبداع». ولعل من أشهر المكتشفات والمخترعات على الإطلاق هي العالمة البولندية ثم الفرنسية ماري كوري، والتي فازت بجائزة نوبل مرتين! الأولى في الفيزياء والثانية في الكيمياء.
ولعله من المناسب أن نتذكر أن الاختراع والابتكار يحتاج إلى جو من الحرية في نمط التفكير، وفي كثير من الأحيان يكون خارجا عن المألوف، ويحتاج أيضا إلى شغف داخلي، ودافع ذاتي. وفي الغالب مثل هؤلاء الأشخاص يفكرون بطريقة مختلفة عن الآخرين، فهم دائما يتساءلون لماذا وكيف تحدث الأشياء من حولهم؟!. ومن المهم جدا أن يعملوا في المجال الذي يفضلونه لأن مثل هؤلاء تكون الخسارة فادحة حين نضعهم في أعمال لا صلة لها بمواهبهم!
وبمناسبة الحديث عن الحقوق الفكرية، فمن أشهر الصراعات هي التي دارت بين عالمين فذين في حقوق اكتشاف (التفاضل والتكامل) في مجال الرياضيات. وقد ظل الصراع محتدما لسنوات بين نيوتن وليبنتز (عالم رياضيات وفلسفة ألماني) فكلاهما يدعي أنه سبق الآخر في هذا الاكتشاف. والحقيقة أن كليهما قد اكتشفه بشكل مستقل، ولكنها الغيرة العلمية بين العلماء والتي لا يخلو منها عصر من العصور، وقد قيل عنها: كلام الأقران يطوى ولا يروى!
abdullaghannam@