استوقفتني صفحة في الإنترنت لمايو كلينك وهو المستشفى الأشهر بالولايات المتحدة الأمريكية، كتب فيها عن الخلايا الجذعية. وحسب الموقع فقد ذكر أنها خلايا تتشكل منها جميع الخلايا الأخرى في الجسم لتنقسم فتكون خلايا متخصصة ذات وظيفة محددة مثل خلايا الدم أو الجلد أو أية خلية أخرى. ويذكر الموقع أن العلاج باستخدامها يأتي للأشخاص المصابين بإصابات الحبل الشوكي، وداء السكري من النوع الأول، ومرض باركنسون، وداء الزهايمر، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والحروق، والسرطان، والالتهاب المفصلي العظمي.
وهناك نشرات أخرى ذات صلة تفيد بما خرجت به من توصيات كوزارة الصحة السعودية والتي أضاف موقعها طرق ووسائل الحصول على الخلايا الجذعية للاستخدام. إلا أننا نجد بذات الوقت شكوكا كثيرة من الأطباء حول استخدام هذه الخلايا والتي تعتبر علاجا لما ليس له علاج. ومما وجدت أن غالب الأطباء عندنا لا يعرفون عنها إلا القليل، كما أنهم غالبا ما يصفون أدوية لأعراض المرض بدلا من العلاج أو العلاج عن طريق التدخل الجراحي بدلا من علاج الجسم لنفسه الأمر الطبيعي باستخدام هذه الخلايا. ولا توجد حاليا أية مصحة عندنا وبالخليج العربي تعالج باستخدامها مما يفتح فرصًا للاستثمار.
والخلايا الجذعية بشكل عام للشرح الأفضل هي خلايا ينتجها الجسم وتقل مع تقدم العمر. وهي تتشكل بقدرة الله «عز وجل» على شكل أنسجة وأخرى لتجديد كل ما يعطب أو يتلف بالجسم. مثال ذلك عندما يصيب الإنسان جرح فهي تتشكل لتصبح خلايا جلدية على سبيل المثال وهو كما نقول يلتئم. معرفة هذه الخلايا ووظيفتها جاء بالستينيات من عالم سويسري حيث تكهن بأن الخلايا الأولية جنسها واحد لكافة المخلوقات، سواء كانت بشرية أو حيوانية، وتتشكل فيما كل حسب صفته وطبيعته. وخرج بعد تجربة عصارة كبد أجنة الماعز بعد أن حقنها بوريد إنسان، بالإضافة إلى مضادات للحساسية، أن طرأ تحسن كبير في البشرة والذاكرة والنشاط بنى عليه مشروعا لمصحة في سويسرا للتقوية العامة والتحسين لكبار السن وكأنه فيتامين عام.
وهناك من الأطباء من يخشى استخدام العينات الحيوانية للإنسان رغم استعمالها المستمر في سويسرا ويفضلون مصادر إنسانية بدلا منها. وقد استثمرت الولايات المتحدة كحكومة منذ أكثر من عشر سنوات مبالغ طائلة للأبحاث باستخدام ماء الرأس من الأجنة الساقطة كمصدر لتلك الخلايا ووجدت أنها نافعة لعلاج عدد من الأمراض ومنها ما ذكرته نشرة مايو كلنك. إلا أن شركات الأدوية الأمريكية العملاقة لخسارات ضخمة قد تطولها بإشاعة استعمال الخلايا الجذعية كأحد مصادر العلاج دأبت على محاربة استخدامها وإطلاق الشائعات ولصرف الأطباء عن استخدامها ولإظهار مخاوف من عدم قبول شركات التأمين هذا النمط من العلاج. ففي البداية انطلقت هذه الشركات للقول إن استعمال هذه الخلايا عمل غير أخلاقي وأقنعت جانبا كبيرا من الجهات البحثية والتي تعتمد على التبرعات بذلك. بدورها وخوفا من توقف الدعم للمشاريع المختلفة المدعومة أوقفت العمل بهذه الأبحاث. إضافة إلى ذلك أن الحكومة الأمريكية زمن الرئيس بوش الابن كانت مدعومة من شركات الأدوية وأوقفت بدورها الدعم الحكومي لهذه الأبحاث مما أصاب الأبحاث حولها بالشلل. ثم خرجت مجموعة مستفيدة كحلول لإيجاد مصادر بديلة جاء أحدها ليحفظ الحبل السري، وآخرون بأساليب مختلفة منها ما جاء في موقع وزارة الصحة المذكور سابقا. وبالإضافة إلى شركات الأدوية فمؤسسات التقاعد أيضا لا ترغب بمثله من علاج كونه سوف يتسبب في زيادة معدل عمر الإنسان إلى أكثر من 130 سنة حسب بعض الدراسات مما يعني خسارة مادية كبيرة لهم لاستمرار المدفوعات لأعمار متأخرة. وحاليا تراهن عدة دول لأخذ الصدارة من الغرب بالعلاج باستخدام الخلايا الجذعية كما مع الصين وماليزيا وإندونيسيا وتايلند إلا أنهم جميعهم يستعملون خلايا بشرية المصدر بدلا من الأرخص الحيوانية كما في سويسرا.
ورغم مضي 60 عاما من الاكتشاف الأول لا يزال الوعي العام ضعيفا ولا يزال الأطباء لديهم مفهوم خاطئ حول الخلايا الجذعية وما يمكن عمله من خلالها للعديد من الأمراض. وفي النهاية ليس لي أن أقول «اسأل مجرّب ولا تسأل خبير» وبحالتنا طبيب.