قرأتُ على صفحة أحد الإخوة كلمة يصف فيها جانبًا من السلوك السلبي لبعض الشباب، وحدّد المكان ووصف الأفعال، فكتبتُ معلقًا:
وأنا ذهبتُ لكثير من المساجد فوجدتُ أكثر أهلها الشباب، وانتظرت الزوجة خارج المسجد، بعد انقضاء الصلاة فهالني هذا الكمّ الغفير والسواد العظيم من النساء اللاتي أقبلن على الخير يصطحبن معهن بناتهن وصغارهن.
أدركت حينها أن:
الخير أصل وهو الأعم، وأما الباطل فنزوة ونشوة لجأ إليها أصحابها حين سيطر عليهم شياطين الإنس والجن، وحين قصّر أهل الخير في إرشادهم إلى طريق ربهم، ولسوف يعودون إلى الله قريبًا إن شاء الله، وذلك حين يقوم الناصحون بواجبهم، وحين يجد هؤلاء مَن يدلهم على طريق السعادة والرشاد.
انشروا الخير:
دعونا ننقل لهؤلاء -فهم أبناؤنا وبناتنا- وللناس جميعًا تلك الصور الإيمانية الإيجابية المشرقة والمشرّفة، فلعلها تصل لأسماعهم وتحرّك بذرة الإيمان في قلوبهم فيفكروا في اللحاق بركب الصالحين.
أميتوا الباطل:
وأما نقل الصور السلبية فربما أدى إلى استمراء أهل الباطل لباطلهم؛ إذ يقول بعضهم في نفسه: لست بدعًا من العمل، ولستُ فريدًا ووحيدًا، فإن لي في الطريق أشباهًا ونظائر. بل ربما يؤدي ذِكر الشر وتحديد موقعه إلى أن يفكر ضعاف الإيمان في الذهاب لتلك الأماكن، وإن كانت معلومة مشهورة.
نشر السوء نوع من المجاهرة:
لماذا كان الزجر في الحديث: كل أمتي معافى إلا المجاهرون؟
لأن المجاهرة بالمعصية نشر للفاحشة ومحاداة لله، وإن لم يقصد فاعلها ذلك، كما أنها تؤدي إلى استمراء المعصية وإلفها واعتياد رؤيتها، وكذلك الحال مع ناقل المعاصي وناشرها، إنها صورة من صور المجاهرة الخفية، وهي مجاهرة خفية؛ لكون ناقلها ليس مرتكبها، لكنه بنقلها اشترك مع فاعلها في أحد الجوانب التي استوجبت الذم، ولعل الحديث عن الخير -وهو كثير ومتعدد- وإهمال الباطل هو أهم طرق إماتة الشر، وجملة القول:
كلما تحدثنا عن الصور الإيجابية، ونشرنا بابًا من أبواب الخير، فنخن في المقابل نطمس صورة سلبية، ونغلق بابًا من أبواب الشر.
أخي.. أقدّر غيرتك وحماسك:
أنا وإن كنتُ أقدّر حماس ذلكم الأخ الكريم، وأقدّر له غِيرته على دينه، وحبه للخير، ولكن للدعوة فنونها، وللنصيحة أساليبها، ومعرفة تلك الفنون والوسائل والأساليب داخلة في قول الله "سبحانه": (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)، وهو أيضًا متضمن في قوله "سبحانه": (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني). وفي إدراك ذلك ترشيد للحماس، فمن الحماس ما قتل.
وفقنا الله وإياكم وهدانا وهداكم.